"أم الجِمال" الأردنية.. على قائمة التراث العالمي
موقع جديد يُضاف إلى قائمة التراث العالمي، إلى جانب المواقع الستة التي تَمَكَّنَ الأردن، بجهود أبنائه، من إدراجها على قائمة التراث العالمي، لأنها تحظى بقيمة عالمية مميزة، فنالت "أم الجِمال" المعروفة باسم "الواحة السوداء" في محافظة المفرق، يوم الجمعة 26-7-2024 خلال الاجتماع السادس والأربعين للجنة التراث العالمي المنعقد في الهند، شرف الانضمام إلى قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، ما يفسح المجال لانضمامها إلى المواقع الأثرية والدينية والتراثية والتاريخية الأُخرى، وإلى المزيد من الترويج لها سياحياً على مستوى العالم، حيث أمسَت الشعوب والأمم بحاجة ماسة إلى التَّمَاس من نقطة الصفر مع التاريخ والتراث والحضارة الإنسانية التي تجسِّدُ ماضياً عريقاً أسّس للنهوض بالشعوب والأمم.
فالسياحة اليوم تأخذ بُعداً أكثر من مجرد الترفيه والتسلية رغم أهميتهما. إضافة إلى ذلك، هناك أيضاً التعرف على شعوب العالم وتراثها وعاداتها وتقاليدها، وما تحتويه بلدانهم من إرث تاريخي وتراثي مهم شكّل محطة في تاريخ الشعوب والأمم، وجب علينا الوقوف عندها والتعلم منها. فالشعوب والأمم، وإن اختلفت وتنوعت، تشترك في القيم الإنسانية والمشتركات والمنطلقات الثقافية المشتركة، ما يعزز التقارب الإنساني، فلا مجال للتفوق العرقي والإثني والديني أو غيره، بل الجميع يعود إلى طين واحد، ويحتاج إلى التكامل والتثاقف والتعلّم من تفاعل الإنسان مع بيئته التي وجد فيها، ولينتج ثقافة وحضارة مختلفتين وفريدتين يمكن أن يُستفاد منهما.
فما أجملكِ يا قلعةَ أم الجِمال بحجارتك السوداء المميّزة وموقعك الفريد وأهلك الطيبين، ويا من كانت تعبر القوافل من خلالها شرقا وغربا، وما من احتوت على خمس عشرة كنيسة، وفيها كاتدارئية ضخمة دُشنت في العام 557 ميلادية، فها أنت تكتسين اليوم بالرقم سبعة، وهو رقم التمام والكمال، بإدراجك أُردنياً على قائمة التراث العالمي.
جدير بالذكر أنَّ الأردنَّ كلَّه متحف مفتوح يزخر بعبق التاريخ والحضارة والإرث الإنساني، وكما علّمنا المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه "أنَّ الإرث ملكُ الإنسانية جمعاء وجب علينا المحافظة عليه". وأهمية الأردن التراثية تزداد يوماً بعد يوم، خصوصاً لما يُجسِّدُه الأردن بانفتاحه، وكرم ضيافته وشهامة أهله وقيادته الهاشمية في الاعتدال والوسطية، وترسيخ قواعد الوئام الديني والعيش المشترك، والقيم الإنسانية والدينية والثقافية التي تحتاجها كلُّ الشعوب والأمم.
إننا إذ نفخر بأُردننا لكل هذه الجهود بإبراز قيمته الحقيقية، وهي حقاً أروع ترويجٍ للسياحة العالمية إلى الأردن، بكافة أشكالها، سيما السياحة الدينية على خطى الأنبياء والرسل، وخطى السيد المسيح، والآباء والأجداد الذين حملوا مشعل الإيمان وإنارة الدورب للأجيال اللاحقة.
"أُم الجِمال" تزهو بيوم عرسها بعد بذل كل الجهود اللازمة والضرورية لتنالَ قيمتها العالمية المميزة، ولتصبح محط أنظار الحجاج والزوار، ليشتمُّوا عبقَ التاريخ، ورائحة وقداسة بلادنا، أُسوةً بباقي المواقع الدينية والأثرية والتراثية والتاريخية والبيئية.