ليست شجاعة بل وضاعة!

يوليو 27, 2024 - 09:36
ليست شجاعة بل وضاعة!

بهاء رحال

ليسَ من الشجاعة ولا الحضارة، بل من البلاهة والسذاجة، ما حدث في الكونغرس الأمريكي الذي احتفى بقاتل الأطفال والنساء، مرتكب المجازر والمذابح، هادم المستشفيات والجامعات، ورُحِب به بالتصفيق المتكرر الذي يعبر عن شكل المنظومة التي تحكم أمريكا بمثل هؤلاء الأعضاء الأشرار المعادين للعدل، التوّاقين لمزيد من الظلم، البهلوانيين في حركاتهم ومواقفهم.
مشهدٌ مقزز، وطريقة بلهاء حين وقف أعضاء الكونغرس يصفقون لخطاب كاذب شرير. فما حمله الخطاب من نقاط تعبر عن أفراط كبير في الكذب غير المسبوق، ودعوة صريحة لدعم الخطط الدموية وحرب الإبادة في غزة، وتشويه الحقيقة واتهام الضحية، وبدلًا من أن يكون هذا الكونغرس منبرًا للحق، وصوتًا يدافع عن الشعوب المظلومة والمضطهدة، ظل على عادته التي عرفتها الشعوب منذ صارت أمريكا القوة العظمى في العالم، محابيًا للاحتلال وداعمًا أساسيًا للعنصرية وراعيًا للإرهاب.
خطاب كله كذب وافتراء، وكل مفاصله تشويه للحقيقة التي رآها ويراها العالم بالصوت والصورة، وبدلًا تقديمه للقضاء ومحاكمته على جرائمه، صفقوا له، فكيف لنا أن نحترم هؤلاء الأشخاص الذين هم بلا حياء يقفون مرحبين بالقاتل، الأمر الذي يمثل صفعة أخرى للعدالة الدولية ولحقوق الإنسان.
خطاب انتهازي بشع، فاق كل أساليب الكذب التي عرفتها البشرية عبر التاريخ، وهذا لم يكن مستغربًا، فهو يتقن هذا الأسلوب ولا يعرف غيره، كما كان متوقعًا من أعضاء الكونغرس الواقعين تحت تأثير اللوبي والمال الصهيوني، لكن المستغرب أن يكونوا بهلوانيين على هذا الحد من هستيريا التسحيج والتصفيق.
نتنياهو الواقف أمام المصفقين نفسه لم يصدق ما يرى، فحتى في كنيست الاحتلال لم يحظَ يومًا بالتصفيق والاحترام، بل على الدوام يشتمونه ويخرجون دون الالتفات لما يقوله، ويقاطعون خطاباته، أما أمام الكونغرس فأصيب بالدهشة لما رآهُ من بلاهة في وجوه تقف أمامه، وتصفق له كالحمقى بعد أن استطاع اللوبي الصهيوني أن يشتري إنسانيتهم وضمائرهم بمال بخس، ودفعهم ليشهدوا بالزور على تلك المهزلة.
جملة الأكاذيب التي قالها نتنياهو في الكونغرس لن تغير في الحقيقة من شيء، ولو صفقت له أمريكا كلها ومعها زمرة الحلفاء الدائمين والداعمين، فهذا العالم وقد كشفت صورته وحقيقته، وتكشف زيف إدعائه، وفضح بكل هيئاته التي لا تزال تحاول المساواة بين الضحية والجاني، وبين مرتكبي جرائم الحرب، وبين من هم يعانون ويلات الإبادة الجماعية، وهذه الحقيقة التي لم يعد بمقدور أحد طمسها وتقديم أمريكا وغيرها بلثام العدل والحق كما كان في السابق قبل أن تتكشف حقيقتها البشعة التي رأيناها وهي تستقبل قاتل الأطفال والنساء، الملطخة يداه بالدم النازف في غزة، وهو يحاصرها ويمنع عنها الغذاء والدواء، بينما يطلب من أمريكا العتاد والسلاح والمال، لارتكاب المزيد من المجازر والمذابح بحق الفلسطينيين، ويواصل حرب الإبادة التي لا تزال متسمرة.

...........
نتنياهو الواقف أمام المصفقين نفسه لم يصدق ما يرى، فحتى في كنيست الاحتلال لم يحظَ يومًا بالتصفيق والاحترام، بل على الدوام يشتمونه ويخرجون دون الالتفات لما يقوله، ويقاطعون خطاباته، أما أمام الكونغرس فأصيب بالدهشة لما رآهُ من بلاهة في وجوه تقف أمامه.