الرأي العام الغربي الشعبي هو الرهان

الرأي العام الغربي الشعبي هو الرهان

أكتوبر 18, 2023 - 16:07
الرأي العام الغربي الشعبي هو الرهان
الرأي العام الغربي الشعبي هو الرهان

يبدو أن البضاعة الدعاوية الفاسدة، وسلسلة الأكاذيب الفجة لنتياهو وناطقه الممثل المسرحي الفاشل أفيخاي درعي، ما عادت صالحة للتسويق. بالنسبة لكبريات شبكات الإعلام الإمبريالي، أمثال الواشنطن بوست والنيوزويك والنيويورك تايمز والسي إن إن والغارديان، فليسوا بحاجة لا لنتياهو ولا لأفيخاي، فهي جاهزة لفبركة كل ما شأنه شيطنة الفلسطيني ومقاومته، وتقديم الصهاينة العنصريين والمتطرفين باعتبارهم (حمامات السلام). فالسي إن إن، الاكثر عدائية لشعبنا بين شبكات الإعلام الإمبريالي، فضحت نفسها إذ تسرب فيديو يُظهر كيف تفبرك الشبكة صوراً لشيطنة الفلسطيني أمام الإسرائيلي (حمامة السلام) ، وقد سحبوا الفيديو عندما انفضح أمرهم.


أما بالنسبة للجمهور الغربي العريض فيبدو أنه كان بحاجة لبضعة ايام، على الأقل حتى يوم الخميس الماضي، ليسترد وعيه، أو للدقة ليمحّي الغباش عن عيونه، ليكتشف أن قصة (قطع رؤوس الأطفال اليهود)، مجرد كذبة مفضوحة ورخيصة لا تليق إلا بأبناء مدرسة غوبلز في الإعلام، فحتى البيت الأبيض لم يبلعها، وكذّب بطريقة غير مباشرة، العجوز بايدن عندما تحدث عنها، فيما منظر أفيخاي درعي وهو يعرض راية داعش باعتبارها راية مقتحمي مستعمراتهم، فكان اشبة بمشهد مسرحي مضحك، خاصة مع الانفعالية المدّعاة، بصورة مصطنعة تماماً، لمقدمها، وقد ينطلي هذا المشهد على السذج من الغربيين، وخاصة الأمريكيين، والعديد منهم هم فعلا كذلك، ولكنها لا تنطلي على مَنْ يطرح السؤال البديهي: ما حاجة مقاتلي حماس ليرفعوا راية داعش عندما يقتحمون المستعمَرة؟ هل سينسبون البطولة والسبق والانجاز لغيرهم؟ فعلاً إن أفيخاي هذا ممثل فاشل. حتى الإعلام الصهيوني بدأ يتحدث عن تراجع الرواية الصهيونية الدعاوية، وهذا التراجع منطقي، فحبل الكذب قصير كما يقال، وخاصة أن الحبل سيقصر كثيراً عندما تظهر حقيقة بنك الأهداف الصهيوني: المنازل والأطفال والعائلات والمستشفيات والمؤسسات والنازحون وسيارات الإسعاف والصحفيون والتهجير وووووو.


ما يؤكد أن البضاعة إياها ما عادت صالحة للتسويق هو انطلاق عشرات المسيرات الألوفية الضخمة خلال اليومين الماضيين، في واشنطن وسياتل ولوس أنجلس وفلوريدا وتورنتو، في لندن وبرشلونه وباريس وجنيف وميلانو وروما وبلفاست، وحتى في المانيا، في تحد جدي لمنع التضامن. إن الحديث يدور عن عشرات الألوف في كل مسيرة، خاصة في لندن وبرشلونة وجنيف وفرنسا، فيما لم تجد أنظمة الليبرالية الجديدة، الديموقراطية جداً، في فرنسا وإيطاليا والمانيا، إلا العصي وخراطيم المياة والغاز المسيّل للدموع، للتعامل مع الحق بالتعبير الذي يتغنون به!!!.


يمكن ملاحظة أن الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية قد اعلنت (النفير العام) للفعاليات الشعبية المناهضة للعدوانية الصهيونية، وتضامناً مع القطاع والمقاومة، وواضح من حجم الأرقام المتداولة إعلامياً للحشود المتضامنة، أن قطاعلات واسعة من المواطنين الغربيين انخرطت في الفعاليات في تأكيد جديد على أن متغيرات بدأت تظهر على صعيد الوعي الشعبي الغربي باتجاه افتضاح كذب الرواية الصهيونية والأخذ بالرواية الفلسطينية.


صراع بين روايتين، فلسطينية وصهيونية، على الراي العام الغربي. ولكن ينبغي التنويه مقدماً أن الرأي العام، رأيين، الرأي الرسمي ومعه شبكات الإعلام الضخمة المعبرة عن الأنظمة الامبريالية دونما رتوش، وهذا الراي العام قادر على التأثير على قطاعات شعبية، وحتى على تغذيتها بحقن العنصرية البغيضة، ولنتذكر العنصرية الشوارعية والمؤسساتية ضد الروس بعد العملية العسكرية في أوكرانيا، وكذا ضد السود في الملاعب. وهناك الرأي العام الثاني الذي يمكن وصفه بالشعبي، والذي يتشكل عبر شبكات التواصل والفعاليات والمبادرات والأحزاب اليسارية والشيوعية والنقابات والحراكات الاجتماعية، الشبابية والنسوية، والذي يلعب فيه النشطاء الفلسطينييون ومنظماتهم الجماهيرية دوراً هاماً، والذي يبدو ان الفعاليات التضامنية خلال اليومين الماضيين تعبيراً صادقاً عنه.


على صعيد الرأي العام الشعبي يجب ان تتنشط الجهود أكثر فأكثر، فهنا التاثير ممكن، وهذا الرأي العام يملك قوة ضغط شعبية على حكومات الدول، إذ في لحظة يصعب القفز عنه، فيحد، بالحد الأدنى، من الاندفاعة الغبية لتأييد العدوان الصهيوني، ويملك القدرة على نسف الرواية الصهيونية من أصولها، خاصة تلك المفصلية الجوهرية دائماً وابداً في تلك الرواية وهي الهولوكوست، الذي حولته الصهيونية لعبء على أكتاف كل أوروبي. إن الهولوكوست النازي الألماني الذي ذهب ضحيته الملايين من الأوروبيين، ومنهم اليهود، نجحت الصهيونية بتحويله من مفصلية ضد النازية الألمانية، لورقة ابتزاز يرضح لها الأوروبي، حتى كفرد، ليتحول اليهودي بعد الحرب العالمية الثانية من ضحية للنازية تكسب تعاطف الغرب وتسليحه وموقفه، لترتكب، تلك الضحية، الهولوكوست الجديد ضد الفلسطيني.

 ضحية تحول لجلاد، والغرب الإمبريالي الذي تسبب بكونه الضحية يدعمه بكل قوة وهو جلاد.

دلالات