الحرب على " ظهور الماعز"

بعد أن آلت الأمور في آواخر سنوات حرب البسوس بين بني بكر وتغلب لصالح البكريين الذين جرّدوا التغلبيين من كل أشكال القوة، ومنها إجبارهم على بيع خيولهم لهم (للبكريين )، وإبقاء هجرس إبن وائل بن ربيعة المعروف والده بين العرب "بكليب" ملكاً شكلياً دون أي صلاحية تُذكر على بعض القبائل العربية ، التقى عدي بن ربيعة المشهور " بسالم الزير " بإبن أخيه "هجرس" الملك منزوع الحكم والسلطان ودار بينهما حوار حاد كان محوره حالة الذل والهوان التي أصبحت تعيشها قبيلته "بنو تغلب" جراء الاتفاقية المُذلة والمجردة من كل أشكال العزة والكرامة التي فرضها عليهم بنو بكر، وفي هذه المجادلة الحادة قال فيها الزير من الحِكمِ اللاذعة في محاولة لشحن إبن أخيه بطاقة العزة والكرامة، لينسحب من الاتفاقية المهينة، ويعود لمواضع العزة، ومما قاله الزير لهجرس" الملك" : (أجبروكم على بيع خيولكم لهم وأبقوا لكم الماعز لتحاربوا على ظهورها فأي ذل بعد هذا؟!).
فقول الزير سالم لإبن أخيه هذا الكلام البليغ المُعّبر سخرية وتهكما على حالة الذل والهوان التي وصلوا إليها، لعل وعسى تدب فيه الحمية فيتحرك التحرك الصحيح وينفض عنه غبار الذل . فحكمة الزير ( أبقوا لكم الماعز لتحاربوا على ظهورها) هي فكرة تشمل وتصيب كل الذين يتولون شؤوننا ولا يدافعوا عنّا ( كالملك هجرس) وهم لنا خاذلون بل يكونوا في صف الأعداء ضد أمتهم. فالذين تولوا أمورنا في هذا العصر والزمان لا نجدهم يحاربون أعداءنا إلا على " ظهور الماعز" . فحالة الذل والهوان التي نعيشها بفعل سياسة الأنظمة الحاكمة في بلادنا شاخصة وبوضوح أمام الجميع، وما حالة التخلي عن غزة وخذلان أهلها إلا أكبر دليل وبرهان على تلك الحالة المزرية من الهون والذل.
إن واقع الحال الذي نعيشه يؤكد حاجة الأمة لمواقف عز، كالذي جسده النبي محمد رداً على نقض قريش صلح الحديبية، إذ كان الرد سريعاً وشديداً غيّر معالم خريطة الجزيرة العربية السياسية والجغرافية، وما السبيل إلى ذلك إلا بخلاص الأمة من الذين يخوضون الحروب ضد أعدائنا على " ظهور الماعز "! بدل ظهور الخيل.