صفقة التبادل والهدنة المنتظرة

شارف شهر رمضان على الانتهاء ولم يتم وقف إطلاق النار والحرب على غزة، وبعد أن كان الحديث عن وقف الحرب قبل حلول الشهر الفضيل، استمرت الحرب واستمر القتل طيلة أيام رمضان الذي شارف على الانتهاء، ولم تتم الصفقة ولم يحدث أي هدوء، ولم يتم تبادل الأسرى.
توتر العلاقة بين نتنياهو وبايدن لم يؤثر في خطط اجتياح رفح التي يعدّها الكيان، ودعوات الإدارة الأمريكية غير الصادقة لم تثمر عن وقف العدوان، ولا عن زيادة المساعدات الطارئة من غذاء ودواء، وقرار مجلس الأمن الدولي لم ينفذ، ولم يتم تطبيقه حتى الآن، وهذا كله يجعل الواقع أكثر خطورة، ويزيد من صعوبة الأوضاع على الأرض في غزة.
الموقف الرسمي العربي على حاله منذ بدأ العدوان، وحتى اليوم لم يتغير، وهو موقف ضعيف وهش ولا يزال يلعب دور المختبئ الصامت، أو المندد والمستنكر، وفي بعض الأحيان يلعب دور الوسيط غير المؤثر.
المفاوضات غير المباشرة التي تمت في الدوحة العاصمة القطرية، والمشاورات التي حدثت في القاهرة وفي عدة عواصم أخرى كانت كما رشح عنها صعبة، ولم تفض عن تفاهمات، بل عن عروض من كلا الجانبين، والواضح أن كل ما يقدم من كل طرف بعيد عن مطالب الطرف الآخر، لهذا فكل جولات التفاوض حتى اليوم باءت بالفشل.
نتنياهو وحكومة الحرب تراهن على مواصلة الحرب والضغط المباشر بالقتل والحصار وصولًا إلى رفح التي أعدت لها خططًا للاجتياح، بينما تراهن المقاومة على عنصر الوقت واستنزاف الاحتلال، والتحرك الدولي والإقليمي وعمليات الضغط الشعبي وإثارة الرأي العام الداخلي في إسرائيل، والتحولات في مواقف بعض الدول، وكل ما ترى أنه يشكل ضغطًا مباشرًا على حكومة الحرب والذي قد يدفعها لتعديل شروطها، وإتمام صفقة التبادل وفق قواعد معينة تريدها المقاومة، إلى جانب القضايا الأخرى المتعلقة بالانسحاب من غزة ووقف كل أشكال الحرب والعدوان.
حتى اليوم فشل الوسطاء في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وقد اعتاد نتنياهو على إرسال وفده منقوص الصلاحيات رغبة منه في عدم إتمام الصفقة، بينما لا بديل أمام المقاومة إلا بالتمسك بشروطها التي وضعتها، وعلى هذا النحو تتواصل الحرب ونقترب من عيد الفطر الذي على ما يبدو سيأتي في ظل استمرار الحرب، ومن دون التوصل لهدنة ولو كانت مؤقتة.
وبينما تراوح المفاوضات مكانها، يعيش الناس في غزة ظروفًا صعبة وسط حرب الإبادة التي يتعرضون لها، وتحت القصف العنيف والحصار من كل الجهات، وبين الجوع والعطش والقذائف والصواريخ التي تنزل عليهم، ولا أمل في القريب أن تتوقف هذه الحرب ليأخذ الناس قسطًا من الراحة، فمتى تتوقف هذه الحرب، ومتى يتوصل الطرفان للاتفاق، ومتى يتوافقوا على بنود الصفقة؟ في النهاية ستكون هناك صفقة، وستكون هناك عملية تبادل، وسيكون هناك وقف لإطلاق النار، ولكن السؤال هو، متى يحدث ذلك؟