المناضلون و الاستحقاق و الوفاء لهم .
حمزة خضر
المناضلون و الاستحقاق و الوفاء لهم .
حمزة خضر
لماذا تقدم السلطة على دفع رواتب لفئات المناضلين الثلاث ( الاسرى ، الشهداء ، الجرحى ) لان ذلك استحقاق وطني و قيمي و اخلاقي مستند على شرعية النضال الفلسطيني و بالتالي رعاية هذه الفئات و الوفاء لها هو استحقاق نابع من شرعية النضال و بذلك وجب الالتزام و الوفاء به .
شرعية النضال و الاستحقاق .
ان المناضلون الفلسطينيون على اختلاف فئاتهم اذ انخرطوا في مشروع التحرر الوطني رغبة منهم في الدفاع عن حقوق شعبهم المسلوبة و تجسيدا لإرادته الطبيعية في الخلاص من الاحتلال هذه الارادة التي تستند على الحق الطبيعي و القانوني و الشرعي للشعب الفلسطيني في خوض كفاحه الطويل من اجل الحرية و الاستقلال و بالتالي فان من الطبيعي جدا في خوض هكذا مسار ان يتبلور عنه احتياجات للفئات الاكثر تضررا نتيجة إسهامها المباشر في غمار النضال الوطني و بالتالي تكمن الضرورة في الوفاء لهذه الفئات باعتبارها رافعة العمل النضالي و مثلث ديمومة العمل الوطني المناهض للاحتلال. وهذا ما حدث في كل التجارب التحررية ولدى كل حركات النضال و المقاومة في العالم دون استثناء اي منها حتى تلك الحركات اليهودية و التي وجدت لمقاومة النازية في البلدان الاوروبية .
الوفاء بالاستحقاق و دعاية دولة الاحتلال .
تعمل دولة الاحتلال على ضخ بروبوجندا اعلامية مضللة للرأي العام الدولي و للحكومات الاوروبية تحديدا حول مسألة التزام السلطة الوطنية الفلسطينية بدفع مستحقات الفئات المناضلة الثلاث ( الشهداء ، الاسرى ، الجرحى ) و تروج بذلك بإن السلطة تقوم بتغذية ما تصفه بـ(الارهاب) و الحقيقة منافية لذلك اذ تعمد دولة الاحتلال من خلال حكومتها المتطرفة الى تدمير السلطة و تقويض قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه و مكوناته لانها لا تريد لهذه السلطة ان تستمر و كل ما تريده هو تدمير السلطة و اخراجها من الخدمة ليتسنى لتلك الحكومة المتطرفة تنفيذ برنامجها للقضاء على مقومات الكيانية و الوجودية الفلسطينية .
مسار الاستحقاق .
ان الالتزام الوطني تجاه فئات النضال الفلسطيني لم يكن وليد الساعة او المرحلة بل هو مسار موازي لمسار الثورة الفلسطينية منذ العام ١٩٦٥ و استكمل في كل محطات النضال التي تلت الثورة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية العام ١٩٩٤ وقبلها الانتفاضة الاولى العام ١٩٨٧ و بعدها الانتفاضة الثانية العام ٢٠٠٠
و منذ قدوم السلطة التي اسست بموجب اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية و دولة الكيان و بموجبه اسست اول سلطة حكم ذاتي للفلسطينين في الاراضي المحتلة عام ٦٧ و التي حظي تأسيسها بدعم عربي و رعاية دولية و هنا نتساءل :
هل تنص اي من الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال على اقرار السلطة بالامتناع عن دفع المستحقات المالية او تقديم الخدمات لاي من فئات النضال ؟ لا يوجد ذلك !!!. اذ اسس نادي الاسير الفلسطيني في العام ١٩٩٣ و سجل رسميا ( قانونيا ) في العام ١٩٩٦ اي بعد تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية .
اذا ماذا حدث منذ قدوم السلطة ؟.
ان ما حدث منذ تأسيس السلطة و هو استيعاب المناضلين في صفوفها و استثمار طاقاتهم و قدراتهم في بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية و هذا لا يختلف عن تجارب نضالية اخرى في اوروبا مثالا و التي شكلت فيها قوى المقاومة نواة تأسيس الدولة بعد الحرب العالمية الثانية و طرد النازية حيث استند ديغول على المقاومة الفرنسية في بناء مؤسسات الدولة الفرنسية و كما اسست قوى المقاومة في بلجيكا و الاجهزة الامنية و كذلك الحال في بولندا و النرويج و غيرهم من الدول التي تعرضت للاحتلال النازي و لكن المفارقة العجيبة ان افراد المقاومة اليهودية في اوروبا و الذين اصبحوا فيما بعد قادة الحركة الصهيونية و قادة العصابات الصهيونية من الهاجاناه و غيرها من العصابات من امثال ديفيد بن غوريون الذي شكل القيادة السياسية و عمل كرئيس تنفيذي للوكالة اليهودية الى أبا كوفنر والذي كان قائداً للمقاومة في غيتو "فيلنيوس" بليتوانيا، وصاحب أول بيان يدعو اليهود للمقاومة المسلحة حيث قاد مجموعة من المقاتلين في الغابات عُرفت بـ "المنتقمون" قد أصبح شاعراً قومياً بارزاً وضابطاً في لواء "جفعاتي" خلال حرب 1948،في دولة الاحتلال ويُعتبر من الشخصيات المؤثرة في تشكيل الذاكرة اليهودية حول "الهولوكوست " الى اسحاق شامير الذي اصبح رئيسا للوزراء في دولة الاحتلال ومن مردخاي أنيليفيتش (غيتو وارسو) و الذي قاد أول تمرد مسلح ضد النازيين الى توفيا بيلسكي في غابات بيلاروسيا و الذي اسس أكبر مخيم إنقاذ للمدنيين في الغابات و الذي رفع شعاره قائلا " ان انقاذ امراة عجوز يهودية افضل عندي من قتل ١٠٠٠ جندي نازي " مرورا بهانا سنيش (المجر/فلسطين) المظليه التي تم إسقاطها خلف خطوط العدو ( النازيون) لإنقاذ اليهود الى مناحيم بيغن و الذي قاد منظمة "إرغون" المسلحة وأصبح لاحقاً رئيساً للوزراء و إسحاق شامير كذلك الذي قاد منظمة "ليحي" (شتيرن)، وأصبح لاحقاً رئيساً للوزراء الى شلومو شامير و الذي كان ضابطاً في "اللواء اليهودي" التابع للجيش البريطاني في أوروبا فقد اصبح بعد تأسيس دولة الاحتلال أول قائد لسلاح الجو ثم قائداً لسلاح البحرية في دولة الاحتلال الى عيزر فايتسمان الذي خدم في سلاح الجو الملكي البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، وأصبح لاحقاً قائداً لسلاح الجو ثم رئيساً لدولة الاحتلال والى غيرهم الكثير ممن التحقوا في العصابات الصهيونية افراد و مقاتلين و الذين شكلوا نواة جيش ( قوات ) الاحتلال بعد اعلان اقامتها العام ١٩٤٨ و استمر التعامل معهم و دورهم في المجتمع بصفتهم ابطال لدولة الاحتلال و ايقونات لها و حظوا برعاية و اهتمام و تقدير الدولة و المجتمع .
و بالنظر الى تجربة النضال الفلسطيني فهي لا تختلف كثيرا عن اية تجارب نضالية اخرى فهي مماثلة لها في كثير من الجوانب و ان بروبوجندا دولة الاحتلال في شأن الوفاء بالتزامات السلطة تجاه فئات النضال الفلسطيني تتنافي و تتناقض مع الحق الطبيعي و الشرعي و القانوني للشعب الفلسطيني في حقة الاصيل في النضال و هذا حق مشروع و مكفول في القانون الدولي و الشرعية الدولية و لا تهدف دولة الاحتلال من خلال سوى الى احراج السلطة امام الشعب الفلسطيني اولا و تفويض دورها في القيام بواجباتها لتظهر امام الشعب و العالم كسلطة ضعيفة و هينه و غير قادرة على الحفاظ على وفائها تجاه الشعب الفلسطيني و مكوناته النضالية .
اوروبا و دعاية دولة الاحتلال .
تهدف دولة الاحتلال من خلال دعايتها الى استهداف الدول الاوروبية باعتبارها راعي ولاعب سياسي قوي و موثوق يدعم خيار حل الدولتين الخيار الذي ترفضه دولة الاحتلال و تسعى الى قطع الطريق امام الجهود الرامية لتنفيذه بالعمل على تسريع عجلة تدمير الكيانية الوطنية الفلسطينية من خلال حصارها المالي و من خلال احراج المنظومة الوطنية امام جمهورها لتفقد بذلك شرعية حضورها امام المجتمع الفلسطيني و ليس الامر متعلقا بالمخاوف الامنية لدى دولة الاحتلال و التي يمكن تجاوزها في امتثال فئات النضال الفلسطيني للبرنامج السياسي لـ م.ت.ف و الاقرار بالتزاماتها السياسية و الاتفاقيات السياسية بما فيها تلك الموقعة مع دولة الاحتلال .





