قراءة تحليلية
د. سعيد محمد ابو رحمه
إن لتجميد أوامر الهدم في مخيم نور شمس دلالات قانونية وسياسية،فقرار المحكمة العليا الإسرائيلية بتجميد أوامر الهدم مؤقتًا، ومنح مهلة للنيابة العامة للرد على التماس مركز عدالة، لا يمكن فصله عن السياق الأوسع للصراع القانوني والحقوقي بين الفلسطينيين ومؤسسات الاحتلال، ويعكس عدة مؤشرات مهمة، أن التجميد يعني أن المحكمة رأت أن الالتماس يطرح نقاطًا قانونية تستحق النظر، وقد يشير إلى ثغرات في المبررات الأمنية أو القانونية التي قُدمت لتنفيذ أوامر الهدم. وهذا بحد ذاته يُضعف الرواية الإسرائيلية التي عادة ما تُسوّق الهدم لأسباب أمنية دون شفافية.
بالإضافة أن مركز عدالة نجح في توظيف القانون الإسرائيلي نفسه للدفاع عن حقوق السكان، وهو ما يُظهر أهمية أدوات النضال القانوني، حتى داخل منظومة قضائية متحيزة بطبيعتها، إذ تُستخدم أحيانًا للحد من تغوّل الجيش أو المستوطنين.وقد يكون التجميد قرارًا سياسيًا بغطاء قانوني لتفادي انفجار شعبي أو إعلامي في هذه المرحلة الحساسة، خصوصًا مع تزايد التوتر في الضفة الغربية. فإسرائيل تحاول أن تُظهر وجهًا قانونيًا أمام العالم دون أن تتراجع فعليًا عن سياساتها.
رغم التجميد، فإن الخطر ما زال قائمًا. فالمخيم يُعامل كمنطقة هدف، وكل التجميدات مشروطة بموافقة ما يسمى بالأمن والنيابة، مما يجعل أي قرار مؤقت غير مستقر، ويؤكد أن الحقوق الفلسطينية تحت رحمة مزاج سياسي-أمني إسرائيلي.
القرار يجب أن يُستثمر في زيادة الضغط الدولي وتوثيق الانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق المخيمات الفلسطينية، خصوصًا أن هذه الأوامر تمثل عقابًا جماعيًا يتناقض مع القانون الدولي الإنساني.
إن تجميد أوامر الهدم في مخيم نور شمس لا يعني انتصارًا كاملاً، بل فرصة لتعزيز المسار القانوني والدولي، وكشف الوجه الحقيقي للاحتلال الذي يستخدم القضاء كأداة لتجميل انتهاكاته. المعركة ما زالت مستمرة، وأي حماية حقيقية للسكان لن تتحقق دون كسر منطق الاحتلال، لا فقط تأجيل قراراته.



