إقرأ وربك الأكرم..!!
سمير عزت غيث
أنهض كل يوم لأداء صلاة الفجر حاضرا ثم أقرأ ما تيسر لي من كتاب الله، بعد ذلك أقوم بتحضير فنجان قهوة مع سيجارة او بدونها كي يروق لي تصفح جريدة الصباح المعتمدة منذ نعومة اظفاري وهي «القدس» الغراء وقد اجد فيها خبرا او مقالة او تحليلا لا يخلو من معلومة جديدة او ينعش ذاكرتي لاحداث قد مرت لكنها شبيهة باحداث ما زلنا نشاهدها بكل تفاصيلها ولم تتغير منذ عقود مضت او استقي افكارا جديدة تتطابق مع ما نعيش فيه من الهم والغم والاسباب التي تؤدي الى ذلك والحلول للهروب منها الى عالم غير عالمنا.
ورغم كل ما ذكر من الافادة ، فإن الذي افادني اكثر هو القراءة والكتابة بلا اغلاط املائية او ضعف في ايصال ما نود ايصاله لمن يقرأ ما نكتب ، وهذا خلاصة لما نود الوصول اليه في هذه العجالة.
قلت لصاحبي : هل تقرأ الصحيفة (اي صحيفة) كل يوم ؟!
أجاب: منذ زمن وانا اعتمد على ما يردني من احداث واخبار عبر هاتفي النقال ولم يعد للصحيفة اثر بعد ذلك من حيث السرعة والتنوع.
قلت له : وهل السرعة والتنوع بديلا عن الصدق والدقة وسلامة اللغة؟
قال مستفسرا : ماذا تقصد.. ؟!
اجبته على التو: السرعة والتنوع غالبا ما يسودها اللغط وعدم الدقة والصدق لا يصدر الا عن قلة.
اما ما تنشره الصحيفة فلا مجال فيه الا الدقة والصدق حتى تحافظ على الثقة بينها وبين قرائها بالاضافة الى المحافظة على لغتنا الجميلة من التلوث.
صاحب آخر سمع ما تحدثنا به فقال بعد ان انهينا الحوار بيننا: ان من اسباب ضعف ثقافة الاجيال من بعدنا هو الاعتماد الكلي على هذه الالة الحديثة في نقل الخبر والحصول على المعلومة دون ادراك.
ان دقة المعلومة وسلامة اللغة هما الاساس لولوجنا الى عالم المعرفة والتطور وبدون ذلك نبقى في دائرة مغلقة.
واضاف صاحبنا هذا: ان القراءة والكتابة هما المنطق الاساس لمعرفة باقي العلوم الاخرى من فكرية واجتماعية وثقافية وحتى سياسية ، واسترسل بالقول: ان من لا يتقنون القراءة والكتابة يصبح من الصعب عليهم فهم العلوم مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء لانها مرتبطة ارتباطا عضويا بفهم المطلوب عبر سلامة اللغة.
نعم.. في الصف الاول الابتدائي لم يمر علينا اسابيع قليلة حتى عرفنا القراءة والكتابة ومن ثم انطلقنا بثقة لنستقي فوائد العلوم الاخرى.
قراءة الصحيفة كل يوم تزيدنا نضجا وادراكا لما يدور حولنا ولتخطيط اختيارنا ماذا نريد ان نكون مستقبلا.
اذا لم نعرف ما نقرأ ونكتب فإن تخصصاتنا مهما علت قيمتها فستبقى محصورة دون اضافة ودون ابداع.
نأمل من المدرسة والمدرسين ان يحضوا طلابهم على تكثيف القراءة ومن ثم كتابة ما نقرأ حتى ننطلق الى مراحل مليئة التطور والابداعات.
«إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الانسان من علق، إقرأ وربك الاكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الانسان ما لم يعلم»
صدق الله العظيم.