تراجع دعم الأميركيين لإسرائيل عبر مختلف الفئات

ديسمبر 2, 2025 - 10:24
تراجع دعم الأميركيين لإسرائيل عبر مختلف الفئات

أظهرت سلسلة من الاستطلاعات الوطنية التي أُجريت خلال عام 2025، بما في ذلك استبيانات صدرت في أواخر الصيف وأوائل الخريف، تراجعًا واضحًا ومستمرًا في دعم الأميركيين لإسرائيل. ويشار إلى أنه كان يُنظر إلى هذا الدعم سابقًا كركيزة أساسية للتوافق الحزبي حول السياسة الخارجية، لكنه أصبح يتآكل الآن عبر مختلف الفئات الديموغرافية، في ظل استمرار الحرب في غزة وتصاعد القلق بشأن الأوضاع الإنسانية هناك.

وبرز هذا الاتجاه في وقت مبكر من العام. فقد أظهر استطلاع غالوب لشهر آذار 2025 أن 46% فقط من الأميركيين يقولون إن تعاطفهم ينحاز بشكل أساسي لإسرائيل — وهو أدنى مستوى في ربع قرن من تتبع غالوب لهذا السؤال. في المقابل، ارتفعت نسبة التعاطف مع الفلسطينيين إلى 33%، وهو أعلى مستوى سجله غالوب. وفي تموز  2025، أظهر استطلاع غالوب انخفاض تأييد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى 32%، مقابل 60% يعارضونها — وهو أضعف دعم منذ أن بدأ غالوب طرح هذا السؤال في 2023، ما يعكس تحولًا ملموسًا في الرأي العام الأمريكي تجاه السياسات العسكرية الإسرائيلية.

وأكد  مركز بيو للأبحاث هذه الاتجاهات في استطلاع أُجري بين 24-30 آذار2025، إذ وجد أن 53% من الأميركيين ينظرون إلى إسرائيل بشكل سلبي، مرتفعًا بشكل ملحوظ عن 42% في 2022. كما تضاعفت تقريبًا نسبة من يصفون إسرائيل بأنها "غير مقبولة جدًا"، من حوالي 10% إلى 19% خلال نفس الفترة. وتُظهر هذه البيانات أن التحول ليس فقط في التعاطف العام، بل يمتد إلى النظرة الشاملة للسياسات الإسرائيلية.

وتعكس استطلاعات الرأي الأوسع أيضًا تراجع الدعم العام للسياسات الأميركية المساندة لإسرائيل. فقد وجد مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، في استطلاعات أُجريت بين 18–20 أ نيسان و2–4 أيار 2025، أن إسرائيل حصلت على "تقييم إيجابي" بلغ 50 من 100 — وهو أدنى تقييم منذ بدء المجلس استطلاعاته في 1978. وأظهرت النتائج أن 61%  من الأميركيين يعتقدون أن إسرائيل تلعب دورًا "سلبيًا" في حل الصراعات الإقليمية، مقارنة بـ54% في العام السابق، في حين انخفض الدعم لاستمرار المساعدة العسكرية الأميركية خمس نقاط مئوية.

ومع اقتراب عام 2025 من نهايته، لم يتوقف هذا التراجع بل تعمق أكثر. فقد أظهر استطلاع بيو بين 22–28 أيلول 2025 أن 39% من الأميركيين يرون أن إسرائيل "تجاوزت الحد" في حربها على غزة، مقارنة بـ31% في العام السابق و27% في أواخر 2023. وأفاد الاستطلاع نفسه أن 59% من الأميركيين ينظرون إلى الحكومة الإسرائيلية بشكل سلبي، ما يعكس اتساع قاعدة الانتقاد إلى صميم السياسات الإسرائيلية الرسمية.

ولم يقتصر التراجع على الحكومة، بل شمل النظرة للشعب الإسرائيلي أيضًا. ففي  تشرين الأول 2025، أظهر استطلاع بيو أن 56% فقط من الأميركيين لديهم رؤية إيجابية تجاه الإسرائيليين (و59% لديهم نظرة سلبية تجاه الحكومة الإسرائيلية)، بانخفاض ثماني نقاط عن 2024 وإحدى عشر نقطة منذ 2022، ما يشير إلى أن التحول في الرأي العام الأميركي أصبح أكثر شمولية ويؤثر على التقييم العام للعلاقة الإنسانية والثقافية مع إسرائيل.

رغم أن الدعم لا يزال أقوى بين الأميركيين الأكبر سنًا والعديد من الجمهوريين، إلا أن التراجع واسع النطاق ويشمل الديمقراطيين والمستقلين بدرجة أكبر، بينما حتى الجمهوريين الشباب أصبحوا منقسمين بشكل متزايد، حيث تتقارب الآن الآراء الإيجابية والسلبية بينهم تقريبًا. ويُفسر المحللون هذا التحول بعدة عوامل، أبرزها الحرب الطويلة على غزة وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، والقيود على دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية، والتغطية الإعلامية المكثفة، وتغير المواقف الجيلية تجاه السياسة الخارجية وحقوق الإنسان والتورط العسكري الأمريكي في الخارج.

ورغم هذا التراجع، يحذر الخبراء من تفسير النتائج على أنها رفض شامل لإسرائيل من قبل الأميركيين. فلا يزال العديد من الناخبين يدعمون العلاقة الأميركية الإسرائيلية أو يعبرون عن تعاطفهم مع الشعب الإسرائيلي، حتى مع انتقادهم الحكومة الحالية وسلوكها في الحرب. ومع ذلك، يمثل التراجع المستمر للدعم الحزبي الثنائي تحولًا مهمًا قد يكون له تداعيات سياسية كبيرة، بما في ذلك ضغوط على صانعي السياسات لإعادة النظر في مستويات المساعدة العسكرية، وفرض شروط على الدعم الأمريكي، أو البحث عن حلول دبلوماسية أكثر استدامة.

ويعكس هذا التراجع تزايد حساسية الرأي العام الأميركي للأبعاد الإنسانية للصراع، حيث لم يعد تقييم إسرائيل يقتصر على البعد الاستراتيجي، بل أصبح يشمل المدنيين المتضررين والحاجة إلى مساعدات عاجلة تشمل الأدوية والإمدادات الطبية.

ويُظهر الانقسام بين الأجيال والحزبيين أن الدعم التقليدي لإسرائيل لم يعد محوريًا، ما يفرض على صانعي القرار الأميركي إعادة تقييم التوازن بين المصالح الإستراتيجية والقيم الإنسانية في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط.

ويُشير التراجع المستمر عبر معظم الفئات إلى أن إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم شعبي أميركي تلقائي، مما قد يقلص هامش المناورة الدبلوماسية ويزيد الضغط على واشنطن لتعزيز الوساطة، أو الضغط على الأطراف لإيجاد حلول سياسية، مع التأكيد على الاهتمام بالمسائل الإنسانية والأمنية على حد سواء.

ومع استمرار الحرب في غزة دون أي مسار واضح لتخفيف التوتر، يبدو أن الرأي العام الأميركي سيظل عاملًا محوريًا مؤثرًا على سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط خلال عام 2026 وما بعده.