اغتيال الطبطبائي.. محاولة لاستدراج الحزب للرد من أجل العودة للحرب
تثير عملية اغتيال رئيس أركان حزب الله هيثم الطبطبائي (أبو علي) بعد قصف الضاحية الجنوبية في بيروت تساؤلات واسعة حول إمكانية انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، في ظل تزايد حدة الهجمات الإسرائيلية وتنامي الضغوط الداخلية والخارجية على الحزب.
ويشير كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، إلى أن هذه التطورات تحمل رسائل سياسية وأمنية مركبة، تعكس محاولة لإعادة رسم قواعد الاشتباك دون الوصول إلى مواجهة واسعة يصعب التحكم بمسارها.
ويرون أنه في ظل هذا المشهد المتوتر، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة من التصعيد المتقطّع، حيث تواصل إسرائيل استهداف قيادات الحزب وبناه اللوجستية، فيما يكتفي حزب الله بردود محسوبة تتجنب فتح جبهة كبرى، في حين يبدو فتح جبهة مع إيران بسبب ذلك أمراً مستبعداً في المدى القريب.
لا مؤشرات إلى اندلاع حرب شاملة
يعتبر أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية د. رائد أبو بدوية أن قصف الضاحية الجنوبية في بيروت واغتيال رئيس أركان حزب الله أبو علي الطبطبائي لا يشير إلى اندلاع حرب شاملة جديدة، رغم حساسية العملية وخطورتها، موضحاً أن عوامل عدة تدعم هذا التقدير، أبرزها ضعف قدرات حزب الله العسكرية بعد الضربات الكبيرة خلال العامين الأخيرين، ما يحدّ من إمكانيته على الانخراط في مواجهة واسعة، كما أن الظروف السياسية الداخلية المعقدة في لبنان، بما في ذلك الانقسامات السياسية والأزمة الاقتصادية العميقة، تجعل أي تصعيد عسكري كبير مكلفاً وغير مستقر.
ويشير إلى تراجع الدور الإيراني في دعم حزب الله إقليمياً ولوجستياً، ما يقلل من قدرة طهران على دفع الحزب نحو مواجهة مفتوحة، في الوقت الذي يوفّر فيه الدعم الأمريكي الواضح لإسرائيل قدرة الردع والتخطيط الدقيق لأي عمليات ضد الحزب، ويجعل إسرائيل أكثر حرصاً على إبقاء الردود ضمن سقف محدود لتفادي مواجهة إقليمية واسعة.
ويؤكد أبو بدوية أن حزب الله يدرك أن التصعيد المباشر قد يؤدي إلى خسائر فادحة في مواجهة مدعومة دولياً، وهو ما يجعل رد الحزب على اغتيال الطبطبائي محدداً، ربما عبر ضربات رمزية أو عمليات محدودة، دون الانزلاق إلى حرب شاملة، وهو ما يرفع منسوب التوتر من دون تغيير المعادلة الاستراتيجية القائمة.
وحول احتمال استهداف إيران، يؤكد أبو بدوية أن إسرائيل لا ترى في الوقت الراهن طهران هدفاً مباشراً بعد اغتيال الطبطبائي، رغم عدم استبعاد هذا السيناريو مستقبلاً.
ويشير إلى أن التركيز الإسرائيلي الحالي منصب على حزب الله باعتباره التهديد المباشر والأقرب على الحدود الشمالية، وأن الضربة الأخيرة استهدفت قيادة الحزب وبنيته اللوجستية لقطع حلقات الإمداد ومنع إعادة بناء قدراته العسكرية، وهو ما يُعد أكثر فاعلية من توسيع المواجهة إلى إيران مباشرة.
ويلفت أبو بدوية إلى أن الضربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة على إيران كانت قادرة على احتواء طهران وتقليص قدرتها على دعم وكلائها مثل حزب الله لوجستياً وعسكرياً، ما يقلل الحاجة لرفع سقف الضربات ضد إيران مباشرة.
ويؤكد أن ضعف الدعم الإيراني المالي واللوجستي، إضافة إلى الانشغال الداخلي والأزمات الاقتصادية، يضعف قدرة طهران على دفع حزب الله نحو تصعيد واسع، ما يجعل إسرائيل تحرص على ضبط أي رد فعل ضمن حدود عمليات محدودة ومضبوطة الإيقاع لتفادي حرب شاملة.
ويوضح أبو بدوية أن إيران تبقى خياراً استراتيجياً مستقبلياً أكثر من كونها هدفاً فورياً، مع مراقبة دقيقة لتحركاتها وقدرتها على دعم وكلائها في المنطقة.
تحوّل نوعي في قواعد الاشتباك
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع أن استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت بالطيران الحربي الإسرائيلي للمرة الأولى منذ اتفاق الهدنة واغتيال هيثم الطبطبائي وعدد من مرافقيه، يشكّل تحوّلاً نوعياً في قواعد الاشتباك، ويكشف أن إسرائيل باتت أكثر ثقة بأن حزب الله يمرّ بمرحلة ضعف تمنعه من الرد.
وبحسب أبو السباع، فقد جاء التصعيد الإسرائيلي بعد سلسلة اغتيالات طالت أكثر من 170 ناشطاً وقائداً ميدانياً لحزب الله في جنوب لبنان، قبل أن تعلن المستويات السياسية والأمنية في تل أبيب مسؤوليتها المباشرة عن اغتيال الرجل الثاني في الحزب ورئيس أركانه أبو علي الطبطبائي.
ويشير أبو السباع إلى أن إعلان إسرائيل تنفيذ الاغتيال بالتنسيق والدعم الأمريكي يؤكد تمسّكها بسياسة استهداف كل من ترى فيه "خطراً على أمنها"، خصوصاً أن الطبطبائي كان مطلوباً أيضاً للولايات المتحدة.
ويرى أبو السباع أن مستوى التنسيق الأمني بين الطرفين يعكس قناعة إسرائيلية بأن الحزب لا يستطيع تحمل كلفة الرد، إذ إن استمرار استهداف إسرائيل لكوادره في الجنوب اللبناني على مدار الساعة لم يدفعه لإطلاق رصاصة واحدة، ما شجع تل أبيب على رفع سقف الهجمات وصولاً إلى قلب الضاحية الجنوبية.
ويتساءل أبو السباع عن إمكانية رد الحزب، لكنه يرجّح أن حزب الله، الذي فقد عدداً كبيراً من قياداته خلال الحرب، يقرأ المشهد اللبناني بعناية، حيث تتصاعد الأصوات الداخلية المطالِبة بسحب سلاحه وترفض البقاء في دائرة المواجهة المفتوحة.
ويؤكد أن حزب الله يعيش ضغوطاً مالية وعسكرية غير مسبوقة، ما يجعله أكثر ميلاً لاحتواء الضربة بدل الرد الفوري، إلا إذا "تمادَت إسرائيل في هجماتها" وبلغت المواجهة مستوى "الملحمة الكربلائية" كما وصفها الأمين العام للحزب نعيم قاسم.
ويرى أبو السباع أن نجاح الاغتيال في الضاحية الجنوبية حمل رسالة مزدوجة: الأولى أن إسرائيل ماضية في مسار نزع سلاح الحزب بالقوة، والثانية أن محور إيران في المنطقة بات في دائرة الاستهداف المباشر منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ويؤكد أبو السباع أن صدى عملية اغتيال الطبطبائي وصل سريعاً إلى طهران، حاملاً إشارة بأن "الحساب ما زال مفتوحاً"، وأن الضربات ضد إيران -مباشرة أو غير مباشرة- أصبحت مسألة وقت، خصوصاً في ظل قناعة إسرائيلية بأن الحماية الأمريكية عبر القواعد العسكرية والبوارج تجعلها أقل خشية من التهديدات الإيرانية، بل وربما تدفع واشنطن للمشاركة في أي مواجهة مقبلة كما حدث في استهداف المفاعلات الإيرانية في عملية سابقة.
استراتيجية الدفاع من خلال الهجوم
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي داود كُتَّاب أن قصف الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت واغتيال رئيس أركان حزب الله أبو علي الطبطبائي يعكسان استراتيجية إسرائيل القائمة على الدفاع من خلال الهجوم.
ويشير إلى أن تل أبيب تستغل تفوقها الجوي لإضعاف الطرف الآخر وفرض تنازلات سياسية ولوجستية، بغض النظر عن أي اتفاقات أو تعهدات بوقف إطلاق النار.
ويعتقد كُتّاب أن إسرائيل لا تسعى للعودة إلى حرب شاملة، بل تعتمد سياسة "الحرب المتقطعة والهجوم المبرمج"، والتي من المتوقع أن تستمر على المدى الطويل ما لم يتم ضبطها من قبل القوى العالمية، وخصوصاً واشنطن، التي يراها كُتَّاب عنصر ضبط مهم.
ويوضح أن هذه الضربة تأتي في ظل إدراك إسرائيل للاختلاف الجوهري بين الوضع في لبنان وإيران، مؤكداً أن الأخيرة تختلف كلياً عن لبنان من حيث رد الفعل المحتمل على أي هجوم.
ووفق كُتَّاب، فإنه بناءً عليه، ترى تل أبيب ضرورة تعزيز الهجوم الكلامي والضغط الدولي على طهران لتفادي أي مواجهة مباشرة، التي لن تغير المعادلة لكنها قد تؤدي إلى دمار إضافي لإسرائيل.
ويشير كُتَّاب إلى أن سياسة الهجوم المبرمج تمثل نموذجاً لإدارة التوترات الإقليمية لدى إسرائيل، مستفيدين من ميزتها الجوية والضغط الدولي لتوجيه الرسائل السياسية والاستراتيجية للطرف الآخر، في محاولة للحد من تأثير أي رد فعل محتمل.
توقّع موجات متكررة من استهداف الحزب
يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة د. قصي حامد أن قصف الضاحية الجنوبية في بيروت واغتيال رئيس أركان حزب الله، أبو علي الطبطبائي، لا يشيران إلى احتمال اندلاع حرب شاملة جديدة، لكنه سيؤدي على الأرجح إلى موجات متكررة من الاستهدافات الإسرائيلية ضد الحزب داخل لبنان.
ويوضح حامد أن هذه الاستهدافات تخدم أهدافاً متعددة لإسرائيل، أبرزها رفع كلفة عدم نزع سلاح حزب الله، وإبقاء الحكومة اللبنانية تحت الضغط السياسي، إضافة إلى محاولة تقويض قدرات الحزب العسكرية والتنظيمية، خصوصاً بعد اغتيال قياداته من الصف الأول.
ويشير إلى أهمية شخصية الطبطبائي كونه أحد مهندسي قوات النخبة في حزب الله، ولعب دوراً أساسياً في جبهة الإسناد، مؤكداً أن إسرائيل حاولت استهدافه مراراً.
ويوضح حامد أن توقيت اغتيال الطبطبائي مرتبط بالضغط على الحكومة اللبنانية لإنجاز ملف نزع سلاح الحزب خلال شهر نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، محاولين من خلال ذلك دفع السلطات اللبنانية إلى اتخاذ خطوات فعلية بهذا الصدد.
ويؤكد أن إسرائيل تسعى إلى ترسيخ قواعد اشتباك جديدة تعتمد على الضربات المستمرة لشخصيات بارزة داخل حزب الله، واستثمار الضغوط الداخلية والخارجية على الحزب، معتبراً أن إسرائيل تتبع سياسة التصعيد التدريجي أو التراكمي، مع إدراكها أن نزع سلاح الحزب مهمة مستحيلة، وأن الدولة اللبنانية غير قادرة على مواجهته بالقوة.
استبعاد أن يرد الحزب في العمق الإسرائيلي
وحول رد حزب الله، يستبعد حامد أن يرد حزب الله في العمق الإسرائيلي، مراعاة للظروف الداخلية اللبنانية وتراجع القدرات العسكرية والتنظيمية للحزب، مرجحا ان يقتصر الرد على استهداف القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، لتجنب الانزلاق نحو مواجهة أوسع.
ويعتبر أن رد حزب الله محصور بالحدود الممكنة أمام ضغوط اغتيال قياداته، مع التأكيد على أن الحزب غير جاهز لمواجهة شاملة مع إسرائيل في الوقت الحالي.
أما بالنسبة لتأثير ذلك على إيران، فيوضح حامد أن الحسابات مختلفة تماماً، باعتبارها قوة إقليمية ذات وزن كبير، وأن استهدافها مباشرة من قبل إسرائيل محفوف بالمخاطر، ويستلزم مشاركة الولايات المتحدة، وهو أمر غير مطروح في المرحلة الحالية.
ويشير إلى أن إيران باتت أكثر جرأة في الرد على استهداف أراضيها، ما يزيد من تعقيد أي حسابات إسرائيلية ضدها.
وبناءً على ذلك، يرى حامد أن إسرائيل تركز على استهداف حزب الله ضمن استراتيجية رفع كلفة تدريجية، دون فتح جبهة واسعة ضد إيران أو لبنان.
الاحتلال لا يلتزم بأي اتفاق أو هدنة
يعتبر الكاتب والباحث السياسي والمختص في العلاقات الدولية نعمان توفيق العابد أن دولة الاحتلال لا تلتزم بأي اتفاق أو هدنة توقعهما، وأن ما يجري في لبنان منذ وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يؤكد استمرار سياسة الاحتلال في الاعتداءات والاغتيالات دون توقف.
وبحسب العابد، فإن إسرائيل لا تنوي إنهاء احتلالها الأراضي اللبنانية، بل تستمر في الاعتداءات على الجنوب اللبناني ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، مستغلة التفوق العسكري والأمني لإجبار الطرف الآخر على تقديم تنازلات سياسية أو عسكرية، دون وجود أي ضمانات حقيقية لوقف العدوان.
ويشير إلى دور الجانب الأمريكي في دعم إسرائيل دبلوماسياً، محاولاً الضغط على الحكومة اللبنانية وشعبها وحزب الله للقبول بما تريده إسرائيل، رغم غياب أي التزام يضمن وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحابها من الأراضي المحتلة.
ويؤكد العابد أنه حتى في حال تنفيذ حزب الله لكافة المطالب الإسرائيلية، فإن تل أبيب لن توقف اعتداءاتها، لأنها تسعى لاستمرار الوضع الأمني غير المستقر في المنطقة واستغلال أي ذريعة لإدامة التوتر والصراع.
ويصف العابد عملية اغتيال هيثم الطبطبائي، رئيس أركان حزب الله، بأنها الأخطر في الآونة الأخيرة ونموذجاً واضحاً لاستراتيجية إسرائيل التي تهدف من خلال استمرار الاغتيالات والاعتداءات إلى خلق بيئة من التوتر والضغط، تمكّن حكومة بنيامين نتنياهو من الترويج لفكرة أن الدولة مهددة أمنياً، وأن الجيش الإسرائيلي يعمل لحماية وجودها، وهو ما يبرر استمرار السياسات العدوانية.
ويؤكد أنّ حزب الله يعيش مرحلة صعبة للغاية، فهو مطالب من الحكومة اللبنانية والهيئات الدولية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، بما يشمل وقف إطلاق النار وسحب السلاح، في وقت تستمر إسرائيل باستخدام أي ذريعة، سواء وجود أسلحة فلسطينية في المخيمات أو تطوير القدرات العسكرية للحزب، لمواصلة عدوانها.
ويشير العابد إلى أن الرد العسكري المباشر من حزب الله قد يُستغل كذريعة من قبل إسرائيل لشن هجوم شامل على الأراضي اللبنانية، وربما اجتياح أوسع يشمل بيروت، وهو ما تستغله تل أبيب بالتعاون مع الإدارة الأمريكية لتبرير اعتداءاتها وخرق السيادة اللبنانية، لذلك فإن حزب يعيش مرحلة صعبة.
ويلفت إلى أن إسرائيل ستواصل اعتداءاتها وربما تزيد وتيرة الهجمات، متوقعاً تصعيداً متواصلاً في غزة والجنوب اللبناني، وربما على الجبهة الإيرانية والسورية، في محاولة لاستمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
ويرى العابد أن سياسة الحكومة الإسرائيلية تقوم على إبقاء الشعور الدائم بالخطر والتهديد، واستغلال أي هدوء نسبي لإشعال جبهات أخرى، بهدف توسيع الرقعة الأمنية والسيطرة على الأراضي، سواء على المستوى الفعلي أو الأمني، مؤكداً أن هذا النهج يعكس استراتيجية مستمرة لإدامة التوتر الإقليمي واستغلال أي أزمة لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية.
تل أبيب ليست معنية بفتح مسار تفاوضي
يؤكد مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن احتمال انخراط إسرائيل في حرب شاملة مع لبنان، بما يشمل عملية برية واسعة، يبقى خياراً مستبعداً في المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أن تل أبيب ليست معنية بالاستجابة لدعوات الرئيس اللبناني وحكومته لفتح مسار تفاوضي يضمن وقف الاعتداءات وإعادة الأسرى والانسحاب من الأراضي المحتلة.
ويلفت الرنتاوي إلى أن إسرائيل لم تُكلّف نفسها عناء الرد على مبادرة النقاط الخمس التي أطلقها الرئيس اللبناني، ما يعكس أنها ليست في عجلة لإبرام أي اتفاق مع لبنان.
ويشير إلى أن إسرائيل تتمتع بوضع مريح على الجبهة الشمالية، حيث انتهكت الأجواء والأراضي والسيادة اللبنانية منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر /تشرين الثاني 2024 وحتى اليوم دون أن تتحمل أي تكاليف ميدانية، في حين سقط مئات اللبنانيين ضحايا عمليات اغتيال وضربات بالصواريخ والطائرات المسيرة والاختراقات البرية.
ويوضح الرنتاوي أن هذه السياسة تضع حزب الله في موقف صعب، فإذا استمر في ضبط النفس فقد يؤثر ذلك على مكانته داخل البيئة اللبنانية، وإذا بادر بالرد فإن إسرائيل ستوسع دائرة اعتداءاتها لتشمل البنى المدنية في المناطق الحاضنة للحزب.
ويؤكد الرنتاوي أن إسرائيل ستواصل التصعيد بشكل متذبذب وفقاً للظروف، بهدف محاولة خلق بيئة سياسية واقتصادية ودبلوماسية تمكنها من تحقيق أهدافها في نزع سلاح حزب الله، وهي أهداف لم تنجح آلة الحرب الإسرائيلية في تحقيقها خلال السنوات السابقة على الجبهة الشمالية.
وحول إمكانية اندلاع حرب مع إيران بعد اغتيال الطبطبائي، يشدد الرنتاوي على أن قرار الحرب أو السلم ضد طهران لا يخص إسرائيل وحدها، مشيراً إلى أن تل أبيب تملك هامش مناورة محدوداً في لبنان وغزة، لكنه ليس ذاته تجاه إيران، التي لن تواجه مواجهة مباشرة مع إسرائيل إلا بعد ضمان دعم وإسناد أمريكي كامل.
ويؤكد الرنتاوي أن تدخل الولايات المتحدة كان واضحاً في حرب الإثني عشر يوماً، بما في ذلك استهداف المنشآت النووية الإيرانية، مشيراً إلى وجود قنوات سياسية ودبلوماسية خلفية نشطة بين واشنطن وطهران، مع تسريبات متناقضة حول التخصيب النووي الإيراني بين استعداد للتعليق أو الامتناع التام وبين اتجاه معاكس.
ويشير إلى أن أي تصعيد إسرائيلي ضد إيران مرتبط بمسار المفاوضات الأمريكية-الإيرانية، وإذا حصل تقدم محتمل في الاتفاق فإن الحرب لن تقع، فيما إذا تعثرت المفاوضات، فقد تشجع الولايات المتحدة إيران على القيام بضربة تستهدف إنضاج شروط تسوية تتوافق مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ويؤكد الرنتاوي أن القرار بفتح حرب على إيران ليس قراراً إسرائيلياً مستقلاً، بل هو قرار أمريكي بامتياز يعتمد على تطورات المسارات التفاوضية بين الجانبين.





