جامعات غزة المدمرة.. مبادرات الأساتذة تعيد الحياة للمسيرة التعليمية

نوفمبر 25, 2025 - 15:48
جامعات غزة المدمرة.. مبادرات الأساتذة تعيد الحياة للمسيرة التعليمية

على الرغم من الدمار الواسع الذي لحق بالجامعة الإسلامية في قطاع غزة، فإن محاولات أساتذتها وطلابها لم تتوقف لإيجاد مسارات بديلة تضمن استمرار العملية التعليمية.

وفي ظل انقطاع الإنترنت وتشتت الطلبة، حاول كثيرون التكيف مع الظروف القاسية للحفاظ على ما تبقى من حياتهم الأكاديمية، وهو ما رصدته التقارير الميدانية.

وسط ركام الأحياء والمباني المهدمة، وقف أستاذ الهندسة المدنية أحمد أبو فول متأملا حجم الخراب الذي أصاب القطاع، ويقول إن الكارثة "تجاوزت حدود الخسارة الشخصية"، لأنها مسّت شعبا بأكمله وهددت أهم ركائز صموده وهي التعليم.

ويشرح أبو فول أن الجامعات حاولت في الأسابيع الأولى التواصل مع الأساتذة القادرين على التدريس عن بُعد، فاستجاب مع زملائه واستأنف الشرح عبر الإنترنت، لكن الانقطاع المتكرر للشبكة وصعوبة الوصول إلى مقرات توفر الاتصال جعلا الدراسة أكثر مشقة.

ويشير إلى أن كثيرا من الأكاديميين اضطروا للبحث عن "الكافيهات" التي توفر شبكة إنترنت محدودة، على الرغم من تعرض معظمها للاستهداف، وهذا خلق عبئا إضافيا على المدرسين والطلاب الساعين لمتابعة محاضراتهم الإلكترونية.

أما الطلاب، فكانت معاناتهم مضاعفة بسبب النزوح وفقدان المنازل، ويقول أحدهم إن الانتقال إلى مناطق المواصي جنوب القطاع جعل الوصول إلى مصدر للإنترنت والكهرباء مهمة شبه مستحيلة، الأمر الذي عطّل متابعتهم للمحاضرات.

وفي أماكن النزوح، يجتمع أبو فول مع طلابه حول حاسوب صغير لإعطاء دروس هندسية مبسطة، ويحرص، كما يقول، على الحفاظ على قدر من التواصل العلمي "حتى لا تنقطع السلسلة التعليمية" على الرغم من الظروف غير الإنسانية.

ويواجه طلبة الهندسة تحديات خاصة بسبب طبيعة تخصصاتهم، إذ تعتمد مساقاتهم على المختبرات والزيارات الميدانية، ويؤكد أحدهم أن غياب الجانب العملي أثّر على كفاءتهم، على الرغم من لجوئهم إلى متابعة تسجيلات وفيديوهات بديلة.

ويضيف الطالب أن مساقات مثل مقاومة المواد وتشييد المباني لا يمكن استيعابها بشكل كافٍ بدون التطبيق المباشر، مشددا على أن التجارب المخبرية جزء أساسي من تدريب أي مهندس، وهو ما حرموا منه بعد تدمير الجامعة.

وفي تفاصيل الحياة اليومية، يروي أبو فول كيف أثّرت الأوضاع الإنسانية على قدرته على التدريس، فالحصول على المياه صار مهمة شاقة، كما أن توفير الحطب لإعداد الطعام أصبح جزءا من برنامجه اليومي المرهق.

ويقول إن التكيف مع ظروف الحياة "لم يكن سهلا"، لكنه يرى فيها جانبا من محاولات الاحتلال "لدفع السكان إلى اليأس"، مؤكدا أن الإرادة التعليمية أقوى من هذه الضغوط، وأن الاستمرار في التدريس شكل من أشكال الصمود.

ويستعيد أستاذ الهندسة ذكريات الحرب السابقة حين تعرضت مرافق الجامعة لدمار شبه كامل، موضحا أن استهداف البنية التعليمية يهدف إلى "القضاء على أي أمل لعودة المسيرة الأكاديمية"، لكن الأكاديميين -كما يقول- ظلوا مصرّين على مواصلة التدريس.

ويشدد أبو فول على استعدادهم لاستئناف التعليم في أي ظروف، حتى "لو جلس الطلاب على الأرض أو داخل خيمة"، معتبرا أن حماية المسار التعليمي مسؤولية وطنية تتجاوز حدود القاعات والمختبرات.

ويرى أن التعليم كان دائما نقطة قوة الشعب الفلسطيني، وأن الحفاظ عليه جزء من مقاومة محاولات الإلغاء والتهجير.

ويؤكد أنه وزملاءه لن يغادروا القطاع على الرغم من كل ما يواجهونه من مصاعب وضغوط معيشية.

وفي ختام حديثه، يعبّر أبو فول عن ارتباطه العميق بغزة، قائلا إنه يعتبرها "أفضل من أي مكان في العالم"، وهي الرسالة التي يحرص على نقلها لطلابه وهو يواصل تعليمهم وسط الركام.