إذا انكسر الوطن سننام على أرصفة الدول
أبو شريف رباح
إذا انكسر الوطن سننام على أرصفة الدول
أبو شريف رباح
13\11\2025
جملة من مقولة شهيرة للفنان التشكيلي العراقي "نوري الراوي" تعبر عن فكرة أن تدمير الوطن أو انهياره سيؤدي إلى تشرد أبنائه وانسداد آفاقهم ليصبحوا بلا مأوى أو مكان آمن، هذه المقولة تختصر ببلاغة مأساة الإنسان حين يفقد وطنه فيغدو غريبا في الأرض التي كانت له يوما بيتا وسقفا وأمانا.
لذلك على شعبنا الفلسطيني بكل أطيافه السياسية والاجتماعية أن يفكر مليا بهذه الكلمات فحين يفكر البعض بالرحيل عن أرضه يجب أن يدرك أنه حين ينهار الوطن سينام الجميع على أرصفة الدول وسنضيع بين الشتات والمنافي نطرق أبواب المساعدات ونفقد كرامتنا وأمننا وأماننا، وسنخسر الوطن الذي ضحينا من أجله التضحيات الجسام وسنعيش غرباء على أرصفة الانتظار.
فإنكسار الوطن لا يعني فقط سقوط حجارته أو تغيير حدوده بل هو انهيار في القيم والمبادئ وضياع روح الانتماء إليه، والانكسار يبدأ حين يتخلى المواطن عن مسؤوليته وحين يبحث البعض عن فتات السلطة ويُغلب صوت المصلحة الشخصية على صوت الوطن، لذلك فإن الحفاظ على الوطن لا يكون إلا بتعزيز وحدتنا الوطنية الفلسطينية لأن انهيار الوطن سيؤدي إلى معاناة الجميع وساعتها لن ينجو أحد من محكمة الشعب الفلسطيني.
وفي زمن تعاظمت فيه التحديات والمخاطر التي تواجه الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وفي خضم المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أهلنا في قطاع غزة، والعدوان المستمر الذي ينفذه المستوطنون المدعومون من جيش الإحتلال بحق البشر والشجر في الضفة الغربية والقدس الشريف، "حتى الحيوانات التي لم تسلم من عدوانهم" يصبح الخوف والموت والجوع والألم والخذلان سيد الموقف لشعب بات عاجزا عن تأمين أبسط مقومات الحياة في ظل حرب إبادة جماعية متواصلة منذ أكثر من سنتين، فالوطن ليس مكانا نعيش فيه فحسب بل هو ذاكرة وهوية ووجدان، هو الأمان الذي نحمله في قلوبنا والدفء الذي لا يمنحنا إياه الغريب مهما اتسعت الدنيا.
الأوطان التي تعيش في ضمائر أبنائها لا تنكسر ابدا حتى ولو تهدمت جدرانها وحرقت زراعاتها ستظل تنبت من رمادها حياة وأمل جديد، فلنحم وطننا بالوعي ولنصنه بالحب ولنغرس فيه قيما لا تهزها العواصف فإذا انكسر الوطن لن نجد على أرصفة العالم ما يلم شتات أرواحنا أو يدفئ لاجئينا في غربتهم.





