شرم الشيخ... هل السلام قادم؟

بقلم: أبو شريف رباح

أكتوبر 13, 2025 - 11:29
شرم الشيخ... هل السلام قادم؟

شرم الشيخ... هل السلام قادم؟

بقلم: أبو شريف رباح

في لحظة فارقة من تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يعود الحديث عن السلام من مدينة شرم الشيخ المصرية المدينة التي لطالما كانت شاهدة على محاولات عربية ودولية لوقف الحروب وإحياء المسار السياسي، لكن بين الواقع المأساوي في غزة حيث الدمار والموت، والجوع والخوف، وبين الدعوات الجديدة لإحياء الأمل يتساءل الفلسطينيون هل يكون مؤتمر شرم الشيخ هذه المرة مختلفا؟

تأتي الدعوة المصرية لهذا المؤتمر بعد عامين من حرب هي الأطول والأقسى في تاريخ قطاع غزة بدأت في السابع من أكتوبر عام 2023 وخلفت دمارا هائلا وإبادة جماعية ومعاناة إنسانية غير مسبوقة، أدركت مصر بما تمتلكه من وزن سياسي وإقليمي أن استمرار هذا الوضع سيقود إلى فوضى تهدد استقرار المنطقة بأسرها وأن لا مخرج من الأزمة إلا عبر حل سياسي عادل وشامل يضمن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ومن هذا المنطلق تسعى القاهرة إلى إعادة التوازن إلى المشهد مستندة إلى رصيدها التاريخي في الوساطة وإلى إيمانها بأن إدارة الأزمات لا يمكن أن تكون بديلا عن حلها.

المؤتمر بالنسبة لمصر ليس مجرد لقاء دبلوماسي بل محاولة حقيقية لإحياء المسار السياسي وتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وعودة الشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وصاحبة المشروع الوطني الذي يحظى باعتراف عربي ودولي واسع.

المواقف العربية تجاه المؤتمر داعمة في مجملها لكنها متباينة في التفاصيل فالأردن والسعودية ومصر تشدد على ضرورة حل سياسي يقوم على مبدأ حل الدولتين وإنهاء الاحتلال في حين تنظر بعض الدول الأخرى إلى المؤتمر كفرصة لإعادة التموضع الإقليمي في ظل المتغيرات الدولية، ومع ذلك يظل هناك إجماع عربي على رفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني وعلى وجوب إعادة إعمار غزة وتوحيد الصف الفلسطيني تحت راية الشرعية الوطنية لا الفصائلية.

أما على الصعيد الدولي فيتسم المشهد بتعقيد واضح فالولايات المتحدة الأمريكية رغم دعمها الظاهري للجهود المصرية ما تزال تنظر إلى الملف الفلسطيني من زاوية أمن إسرائيل مكررة بذلك أخطاء الماضي التي أجهضت فرص السلام، والاتحاد الأوروبي يعبر بلغة إنسانية تدعو إلى وقف النار وتقديم المساعدات لكنه يفتقر إلى أدوات الضغط الفاعلة في المقابل تحاول روسيا والصين تعزيز حضورهما في المنطقة عبر دعم الجهد المصري والتأكيد على ضرورة حل سياسي عادل يضمن الحقوق الفلسطينية في إطار إعادة رسم التوازنات الدولية في الشرق الأوسط.

ورغم صعوبة الظروف وتعقيد الحسابات يبقى انعقاد المؤتمر خطوة إيجابية نحو كسر الجمود السياسي وفتح نافذة أمل جديدة، لكن نجاحه مرهون بقدرة الفلسطينيين على الحضور الموحد والمستقل بعيدا عن الانقسامات والأجندات الخارجية وبإرادة وطنية حقيقية تتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الحزبية.

لقد أثبتت التجارب أن أي مؤتمر سلام لا يمكن أن ينجح إذا لم ينطلق من الاعتراف بالحق الثابت للشعب الفلسطيني وليس من منطلقات أمنية أو مصالح إقليمية، فبعد عامين من الموت والدمار لا ينتظر الفلسطينيين بيانات ختامية أو وعودا مؤجلة بل يبحثون عن حياة كريمة على أرضهم في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين. 

ويبقى السؤال مفتوحا هل يكون مؤتمر شرم الشيخ بداية لمسار جديد نحو سلام عادل وشامل يعيد للفلسطينيين حقهم وكرامتهم، أم أننا أمام فصل آخر من سلام مؤجل في زمن لا يعرف سوى لغة القوة؟