إيطاليا تنتصر لفلسطين من جديد
د. ربحي دولة

د. ربحي دولة
في مشهد يعيد للأذهان مواقف مشرّفة من التاريخ الرياضي والسياسي، أعادت إيطاليا تأكيد انحيازها الإنساني والأخلاقي لقضية الشعب الفلسطيني، ليس فقط من خلال كلمات مدربها، بل عبر موقف رياضي نابع من ضمير إنساني حي.
فبعد فوز إيطاليا بكأس العالم عام 1982، لم يقتصر الاحتفال على النصر الكروي فقط، بل تخطاه إلى موقف إنساني نبيل حين أهدى المنتخب الإيطالي الكأس للثورة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، في رسالة قوية تؤكد أن الرياضة لا تنفصل عن القيم والمبادئ، وأن العدالة والحرية يجب أن تكون جزءًا من كل ميدان، حتى لو كان ملعب كرة قدم.
واليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود، يتجدد هذا الموقف الطلياني الشجاع، حين انتصر المنتخب الإيطالي على منتخب دولة الاحتلال في التصفيات الأوروبية، وصرّح مدرب المنتخب الإيطالي بعد المباراة قائلاً:
"أشعر بالشرف أنني ساهمت في إقصاء كيان يقتل الأطفال. لو وُجدت عدالة حقيقية، لكان هذا الكيان قد مُنع من المشاركة في هذه التصفيات أصلاً".
تصريح صريح وشجاع، نابع من ضمير لا يمكن تجاهله. هو ليس موقفًا رياضيًا فحسب، بل موقف أخلاقي يعكس وعيًا متناميًا في العالم بأن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يُعامل كدولة طبيعية وهو يمارس القتل والتهجير والحصار يوميًا بحق شعب أعزل.
إن ما قامت به إيطاليا –ماضيًا وحاضرًا– ليس مجرد تضامن لحظي، بل هو تأكيد على أن هناك شعوبًا وقيادات رياضية تدرك حجم الظلم الواقع على فلسطين، وترى في القضية الفلسطينية قضية إنسانية عالمية، تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة.
وإننا، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان متواصل، نؤكد أن المطلوب اليوم ليس فقط مواقف رمزية أو بيانات إدانة، بل موقف عالمي صارم، سياسيًا وقانونيًا وأخلاقيًا، يُلجم الاحتلال، ويُحاسب مجرمي الحرب، ويُنهي عقودًا من الظلم.
العالم اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بأن ينتصر لفلسطين –لأطفالها، لجرحاها، لشهدائها، لأحلامها المكبوتة تحت ركام العدوان– لا بالكلمات فقط، بل بالأفعال والمواقف والتحركات الجادة في كافة المحافل الدولية.
ختامًا، نقول لإيطاليا:
شكرًا لمواقفكم، شكرًا لإنسانيتكم، شكرًا لأنكم تضعون الضمير قبل الحسابات، والعدالة قبل المصالح. وفلسطين ستبقى القضية، مهما طال الزمن، وسيأتي يوم تتحقق فيه العدالة، ويُرفع العلم الفلسطيني في حرية كاملة، على أرض فلسطين، من البحر إلى النهر.