مروان البرغوثي… ضمير فلسطين الحي، السائر على طريق الآلام نحو فجر الحرية

مروان البرغوثي… ضمير فلسطين الحي، السائر على طريق الآلام نحو فجر الحرية
غانية ملحيس
15/8/2025
مروان… يا ضمير الشعب الفلسطيني الحي الذي لم تلوثه المناصب، والقابض على وعد الحرية والعودة مهما طال الزمن وعظمت التضحيات. يا من تسير على خطى الآلام ولا تعرف الانكسار، وتحمل الأمل في فجر الحرية.
وريث المسيح الفلسطيني، الذي سار على طريق الآلام الممتدة من بحر فلسطين إلى نهرها، ومن شمالها إلى جنوبها، حيث يمشي شعبك على الجمر ذاته، صامدا، غير آبه بالظلم، غير خائف من الإبادة والتجويع والحصار، واثقا أن الحق أقوى من الباطل مهما علا، مؤمنا أن رسالته أسمى من الحياة، وأن للأفكار أجنحة لا يحدها سجن، ولا توقفها قضبان الجلادين.
مروان، يا ملهم الثوار، وحبيب الأحرار، رفيق المسار والمصير، إن صمودك خلف القضبان مرآة تكشف للعالم فاشية لم يعرف التاريخ لها مثيلا، عدو يرى في الحرية التي منحها الخالق لجميع خلقه خطرا وجوديا، وفي الكرامة جريمة.
ما يعيشه شعبنا منذ 680 يومًا في غزة من قتل وتجويع ودمار هو الوجه الآخر لسجنك وسجن آلاف الأسرى. حرب على الخالق باسم الخالق، حرب الباطل على الحق، حرب على الأرض والمعنى، ومحاولة لانتزاع إنسانية الإنسان حتى ينسى أنه ولد حرا، وأنه يستحق الحياة.
كما صُلب المسيح، يحاولون اليوم صلب إرادة فلسطين فيك، وفي وجوه الأطفال تحت الركام، وفي طوابير الجياع، لكنهم يجهلون أن الصلب لا يوقف رسالة الحق والحرية. وأن الدماء الزكية لا توقف مسيرة الانتصار، وأن إرادة الشعب لا تكسر.
وجودك في السجن فضيحة معلقة على جبين العالم الصامت، وإدانة لنظام دولي مادي حداثي عنصري، يزعم الدفاع عن القيم الإنسانية، وهو منزوع الروح، فاقد الوعي بجوهر الوجود. نظام يشترك في إبادة شعبك الصامد، المرابط القابض على الحق في أرض الرباط. ويتواطأ معه الطغاة من كل الأعراق، ومن كل الألوان، ومن كل الأديان والطوائف، الذين استبدلوا الحق بالباطل، وباعوا أنفسهم للشيطان، ورهنوا شعوبهم، وتركوا أوطانهم فريسة لفاشية عنصرية.
إنه عار على كل متآمر، وكل متواطئ، وكل متخاذل، وكل صامت، وكل ساع لمنصب خادم للطغاة بذريعة "الواقعية السياسية".
ستبقى يا مروان، ومعك حسام أبو صفية وجميع الأسرى البواسل، رمزا لفلسطين التي تنحني للعاصفة ولا تنكسر. ولشعب لا يخضع لغير خالقه، ويعرف أن الكرامة أثمن من الحياة. وأن الحرية حق لا ينتزع إلا بالإيمان بالحق، والسعي لإحقاقه، وبالصمود، وبالوفاء للوطن والشعب.
والتوجه إليك اليوم، يا مروان، كما كان لأنس الشريف بالأمس، أو لأي شهيد أو أسير يعرفه الناس، إنما هو رسالة لكل الشهداء، ولكل الأسرى، ولكل المناضلين ومن لم تصل أسماؤهم إلى الإعلام، لكنهم جميعا يسكنون القلب ذاته، ويحملون الحلم ذاته، ويواصلون المسير ذاته نحو الحق، نحو الحرية، نحو فجر فلسطين الآتي لا محالة.