الإهانة، والمُهاجرة، والمُحاصرة

بقلم سعدات عمر
مع كل هذه السنين المأساوية، والمضنية ما زالت تعيش قضيتنا الفلسطينية في حو من العلاقات السياسية المتشابكة، والخطيرة فريداً من نوعه، وهي القضية صاحبة التاريخ الطويل مع مشاريع التسوية على حساب شعبنا الفلسطيني. فعلى الحانب العربي هناك الأوضاع السياسية التي تتبع الأجندات الإسرائيلية، والأمريكية، والأوروبية، والأوضاع الداخلية الممزقة، والمنهارة على امتداد الوطن العربي، وما تزال تأثيرات النفوذ الأمريكي والأوروبي والإسرائيلي تزداد خطورة وبسرعة متزايدة جدآ لازدياد وتَركُّز الصراع الدولي في المنطقة العربية ودخول إسرائيل في جميع النزاعات العربية بحيث أصبح أي تحرك سياسي مهما كان حجمه عُرضة لأن يتأثر إلى درجة كبيرة بفعل عوامل الصراع، ويتمثل على الجانب العربي في تناقض دائم. في وسط هذا الجو المُعقَّد وفي بقعة من الأرض تتعلق بها مصالح القوى العالمية، والعواطف الدينية التاريخية الجغرافية من جهة أخرى تتحرك القيادة الفلسطينية الشرعية وبتأييد شعبي فلسطيني لاستعادة حقه الأساسي، حقه في أن يعيش فوق أرضه، وان يُمارس سيادته في وطن عانى شعبه ذُلَّ هزائم عسكرية متوالية على يد عدو استهان به في أول الأمر في مثل وطن عربي يُغري الفراغ السياسي، والنفسي أي تحرُّك بتحميل نفسه أكثر مما تحتمله المرحلة، ويدفعه دفعاً إلى تَعَجُّل المراحل وحرقها، ويُعطيه من الدَّوي، والطنين الخاويين ما يجعله هدفاً سهلاً للتورط، والانزلاق، والتفتت. ألم يكن هذا هو المصير، وهذه عملية هروب لكل نظام عربي من نفسه وخصوصاً بعد ما نراه كل لحظة من مجازر القتل والموت والجوع والعطش في غزة بظروف بُؤس حقيقية لم تحصل حتى في عصور الإنحطاط المُظلمة التي عاشت تحت رحمة التلقائية.