موقف الثقة والكرامة

يونيو 24, 2025 - 09:07
موقف الثقة والكرامة

حمادة فراعنة

ساوى موقف الدولة الأردنية بين العدوان الإسرائيلي ورفضه على إيران، بالموقف الأردني في  مواجهة الحرب الأميركية ورفضها عام 1991 على العراق. 

لم يكن موقف الأردن المعلن مع الاجتياح العراقي على الكويت يوم 2-8-1990، ولذلك عمل على تسوية الخلافات العراقية الكويتية بشكل ودي وسلمي وأخوي، والمطالبة بالانسحاب العراقي من الكويت، ولكن الولايات المتحدة وأوروبا، بتحريض إسرائيلي مكشوف ومعلن، عملوا على أن يكون خيار الحرب هو السائد بهدف تدمير العراق وإزاحة قدراته كبلد عربي مستقل قوي في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية، ولهذا رفض الأردن في حينه المشاركة في الهجوم الأميركي الأوروبي على العراق، يوم 17-1-1991. 

في 4-12-1990، كنت مع الراحل الملك حسين في بغداد، بهدف اقناع الرئيس الراحل صدام حسين بالانسحاب من الكويت، ولكنه كان عنيداً، وتصلب في قراره ورفض نصيحة الملك حسين الودية الأخوية ومع ذلك قال لنا الحسين ونحن في طائرة العودة إلى عمان: 

1- "يا خسارة راحت العراق"، إدراكاً منه أن العدوان على العراق سيدمره وسيتغير الوضع برمته لصالح الأميركيين والإسرائيليين في منطقتنا. 

2- إدراكاً منه لهذه النتائج المدمرة قال: "لن نشارك في ذبح العراق"، وعدم التورط في أي موقف سياسي أو عسكري ضد العراق، وبقي محافظاً على موقفه في عدم اتخاذ أي موقف ضد العراق.

كان ذلك شرفاً كبيراً حققه الراحل الملك حسين لكل الأردنيين، أن الأردن رغم علاقاته مع الولايات المتحدة وأوروبا، سجل موقفاً قومياً شجاعاً، دفعنا ثمنه فترة من الزمن بالحصار والتضييق وقطع المساعدات، وسجل الأردن عبر قرار الراحل الملك حسين أنه لا يضحي ولا يبيع موقفه الوطني القومي مقابل الضغوط أو الإغراءات الأميركية الأوروبية. 

اليوم يتجدد موقفنا الحكيم المتزن، بإدارة الملك عبدالله وحكمته وسعة أفقه سياسياً ووطنياً وقومياً، برفض العدوان الإسرائيلي على إيران، لأن العدو الإسرائيلي لا يستهدف إيران وحسب، بل سبقه ما يجري في فلسطين من مذابح وقتل وتدمير في قطاع غزة، ومدن الضفة الفلسطينية ومخيماتها، والانتهاكات المستمرة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وبيت لحم والخليل، وبناء المستوطنات الاستعمارية للمستوطنين الأجانب، وما يفعله من اعتداء وتطاول على سيادة لبنان وسوريا، مما دفع الأردن ويدفعه، بشكل واع وشجاع أن يقف ضد العدوان  الإسرائيلي على إيران، ويؤكد قرارنا المستقل، ويحفظ لنا كرامتنا، في مواجهة الأميركيين وضد المستعمرة الإسرائيلية.

رفضنا التطاول على سيادة أي بلد عربي أو إسلامي أو غيره، مهما اختلفنا مع أولوياته، رفض مبدئي حازم، فالأولوية هي رفض العدوان والتوسع والاحتلال الإسرائيلي، وما هجومه على إيران سوى أنه يسير بهذا الاتجاه العدواني التوسعي في فرض هيمنته وتسلطه وتوسعه الاستعماري بالقوة والتفوق الذي توفره الولايات المتحدة له، على حساب العرب والمسلمين وكرامتهم واستقلالهم. 

مبادرات الأردن، وموقف رأس الدولة جلالة الملك، مع تطبيقات وأداء وزير الخارجية بوصف العدوان الإسرائيلي على أنه عدوان، يختصر الموقف الأردني وحقيقته ومغزاه، وهو ما يدفعنا للمباهاة والإحساس بالكرامة وعدم الرضوخ للضغوط أو الإغراءات.