غضب دولي من الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن

سري القدوة
أثارت الولايات المتحدة غضب بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي باستخدامها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية بدون قيود إلى القطاع المحاصر، مبررة خطوتها بأن النص يقوض الجهود الدبلوماسية الرامية لحل النزاع، ويأتي الفيتو الأميركي في سياق غير مفهوم، ويمنح حكومة الاحتلال الضوء الأخضر لاستمرار الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، ويعتبر وصمة عار أخلاقية في ضمير مجلس الأمن الدولي، ويعد أول فيتو تستخدمه واشنطن في مجلس الأمن الدولي منذ عاد الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
الصمت لا يدافع عن الحقوق، ولا يحمي من ينتظر الموت، ولا يواجه تداعيات الإبادة الجماعية، وإنه في الوقت الذي تختبر فيه الإنسانية على الهواء مباشرة في غزة، فإن مشروع القرار وُلد من خلال الشعور الدولي المشترك بالمسؤولية تجاه المدنيين في غزة ومسؤولية أمام التاريخ، بينما تجاهلت الإدارة الأمريكية كل ذلك، وفضلت الوقوف وحيدة لدعم الاحتلال القاتل وجرائم الإبادة الجماعية الجارية، وشاركت في تجويع أهل قطاع غزة وحصارهم، حيث فضلت الولايات المتحدة التمسك بالحسابات السياسية وعدم تبنيها موقفاً عادلاً ومسؤولاً.
استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو» أمر مشين رغم تأييد 14 من أصل 15 عضوًا في مجلس الأمن للقرار، كما يعد وصمة عار تضاف إلى السجل الأخلاقي للولايات المتحدة الأمريكية، ويعبر بوضوح عن اصطفاف كامل مع آلة القتل الإسرائيلية ودعم سياسي مباشر لجرائم الحرب، وباتت السياسة الأمريكية العدوانية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثل عدواناً صارخاً على القانون الدولي، وتشجع استمرار حرب الإبادة وتزيد من دفع المنطقة إلى شفا الهاوية، خاصة في ظل استمرار الاحتلال لأرض دولة فلسطين ومواصلة سياسات العدوان وجرائم الحرب.
الفيتو الأمريكي لا يقل عن حرب الإبادة المنظمة، ويكشف تناقضات السياسة الأمريكية التي تدعي أنها تدعم حل الدولتين، فيما هي تمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ هذا الحل عبر استخدامها المتكرر للفيتو، وبات المجتمع الدولي مطالباً بممارسة الضغط لتجاوز الانحياز الأميركي وحماية الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره، كون أن فيتو واشنطن يقف مع حرب الإبادة الجماعية، وبالتالي يجب فرض عزلة دولية على الإدارة الأمريكية.
حماية الاحتلال والتستر على جرائم الإبادة الجماعية لم ولن يجلبا الأمن لدولة الاحتلال ولا للمنطقة برمتها، واستخدام الإدارة الأمريكية حق النقض "الفيتو" بمجلس الأمن ضد قرارات وقف الحرب وإدخال المساعدات يعنى شيئاً واحداً فقط؛ أن أمريكا هي شريكة للاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب، خصوصاً أن غزة تذبح بالسلاح والدعم الأمريكي، وهذا يكشف طبيعة المخطط الذي تجاوز كل الحدود.
لا يمكن استمرار العبث بدماء الشعب الفلسطيني، ويجب تغيير المعادلات الدولية القائمة على مصالح الاحتلال والغطرسة والقوة، فالتاريخ لن يرحم قتلة أطفال غزة، وأن أيديهم باتت ملطخة بالدماء، وهم مطلوبون للعدالة، وبالمحصلة النهائية سوف ينتصر العدل والقانون في نهاية المطاف مهما استمر الاحتلال في ارتكابه جرائم الإبادة الجماعية واختراقه القانون الدولي.
سياسة الولايات المتحدة ودعمها الاحتلال يجعلان من الإدارة الأمريكية شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، كما أن هذه السياسة أصبحت تشكل خطراً على العالم، وتهديداً للأمن والسلم الدوليين.