تقرير أميركي: أسطورة واشنطن بـ"دعم حقوق الإنسان" تقبع تحت أنقاض غزة

أبريل 12, 2025 - 09:58
تقرير أميركي: أسطورة واشنطن بـ"دعم حقوق الإنسان" تقبع تحت أنقاض غزة

 أكّد معهد "كوينسي" الأميركي أنّ التزام الولايات المتحدة المعلن بحقوق الإنسان يتهاوى أمام سعيها للحفاظ على تفوّقها العسكري، مشيراً إلى أنّ مبيعات الأسلحة تتفوق دوماً على الاعتبارات الحقوقية، خصوصاً في سياستها تجاه حلفائها مثل "إسرائيل".

وفي تقرير جديد، كشف المعهد أنّ المساعدات العسكرية الأميركية لـ"إسرائيل" بلغت 17.9 مليار دولار في عام 2024، في وقتٍ كانت فيه غزة تُحوَّل إلى أنقاض، وسط غيابٍ تام لأيّ شروط تتعلق بتقيّيد الدعم العسكري على الرغم من الانتهاكات الإسرائيلية الواضحة للقانون الدولي.

وأشار التقرير إلى إلى أنّ الكونغرس لم ينجح حتى الآن في التصويت لمنع بيع الأسلحة، واليوم، تقبع أسطورة أنّ القوة الأميركية تدعم حقوق الإنسان تحت أنقاض غزة.

كما أكّد التقرير أنّ التاريخ يكشف كيف دأب القادة الأميركيون، بغض النظر عن أحزابهم السياسية، على استغلال مخاوف حقوق الإنسان لاستهداف من يُفترض أنّهم خصوم، بينما يتجاهلون هذه المخاوف عندما تنطبق على شركاء الولايات المتحدة.

ولفت التقرير إلى أنّه وبعد حرب "إسرائيل" على غزّة في أعقاب هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، فشلت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن في وضع أيّ شروط ذات معنى على مبيعات الأسلحة لـ"إسرائيل"، على الرغم من سلوك "إسرائيل" الذي يُظهر انتهاكات واضحة للقانون الدولي والأميركي. ومنذ ذلك الحين، وسّعت إدارة الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب دعمها غير المشروط لـ"إسرائيل".

وأشار التقرير إلى أنّه مع سعي الولايات المتحدة إلى الحفاظ على تفوقها العسكري العالمي، ستظل حقوق الإنسان مجرّد فكرة ثانوية، يستحضرها القادة الأميركيون بشكل انتقائي عندما لا يُشكلون تهديداً للمجمع الصناعي العسكري ومبيعات الأسلحة.

إدارة بايدن استخدمت حقوق الإنسان لخدمة هيمنتها

كذلك، أكّد التقرير الصادر عن المعهد الأميركي أنّ إدارة بايدن بوضع حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية تحوّلت في الواقع إلى أداة لخدمة طموحات الولايات المتحدة في منافسة القوى الكبرى، ولا سيما الصين وروسيا.

وأشار التقرير إلى أنّ خطاب بايدن في وزارة الخارجية مطلع عام 2021، والذي شدد فيه على "الدفاع عن الحرية والكرامة وحقوق الإنسان"، عكس وعود حملته الانتخابية، خصوصاً في التمييز بين إدارته وإدارة ترامب. ومع ذلك، أوضح المعهد أنّ تلك الشعارات تم توظيفها سياسياً بما يخدم الهيمنة الأميركية.

وأضاف أنّ قمة "الديمقراطية" التي أطلقتها إدارة بايدن عام 2021، بمشاركة دول غير ديمقراطية ومنتهكة لحقوق الإنسان، كانت مثالاً على هذا التناقض، حيث استخدمت واشنطن "حقوق الإنسان" بشكل انتقائي لتعزيز موقعها الجيوسياسي، وليس كمبدأ ثابت في سياستها الخارجية.

ورأى التقرير أنّ الخطاب الحقوقي لإدارة بايدن، على الرغم من تركيزه على بعض الفئات مثل مجتمع "الميم"، جاء في إطار دعائي، بينما ظل الالتزام الفعلي مرهوناً بالمصالح الأمنية والعسكرية الأميركية.

وذكر التقرير أنّه في عام 2022، باعت الولايات المتحدة أسلحة إلى 57% من الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم.

بايدن استغل حرب أوكرانيا لتبرير دعم عسكري انتقائي

واتهم التقرير إدارة بايدن الذي استغلت حرب أوكرانيا التي وفّرت فرصةً استراتيجية للولايات المتحدة لتعزيز مبيعاتها من الأسلحة، وإضعاف خصمها الجيوسياسي روسيا، تحت غطاء دعم حقوق الإنسان والقانون الدولي.

وعملت إدارة بايدن مستغلة الحرب لتلميع سجلها الحقوقي، مركزةً في "ورقة الحقائق" الرسمية على حماية الأوكرانيين. وأشار المعهد إلى أن واشنطن تجاهلت تماماً ذكر "إسرائيل" على الرغم من تصاعد الانتهاكات بحق الفلسطينيين.

وأوضح التقرير أنّ واشنطن أعلنت تعديل سياستها الخاصة بنقل الأسلحة التقليدية عبر تشديد المعايير لمنع استخدامها في ارتكاب فظائع، مشددة على أهمية حماية المدنيين كشرط رئيسي لشرعية بيع الأسلحة.

إلا أنّ تقرير معهد "كوينسي" أكّد أنّ هذه السياسات لم تُطبّق في حالة "إسرائيل"، حيث واصلت إدارة بايدن تقديم دعم مالي وعسكري غير مشروط لعملياتها في غزة، متجاهلة المعايير التي وضعتها بنفسها بشأن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة.

وأشار تقرير المعهد إلى أنّ تقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2024 حول قانون، إيلي فيزل، المخصص لمتابعة جرائم الإبادة، ركّز على روسيا والصين ودول أخرى في أفريقيا وآسيا، فيما تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزّة، مكتفياً بإدانة حركة "حماس" والتشديد على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

وأبرز التقرير أنّ إدارة بايدن تستخدم المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لتبرير العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد جهة غير حكومية داخل أرض محتلة، في إشارة إلى حركة "حماس"، وهو ما يُعدّ – بحسب خبراء القانون الدولي – مخالفة واضحة للميثاق. وكانت "إسرائيل" بالفعل نقطة ضعف بالنسبة لإدارة بايدن.

واشنطن زادت دعمها العسكري لـ"إسرائيل" على الرغم من جرائمها في غزة

وأكّد تقرير المعهد أنّ إدارة بايدن تجاهلت القوانين الدولية والمحلية في دعمها غير المشروط لـ"إسرائيل"، حيث قدّمت مساعدات عسكرية غير مسبوقة بلغت 17.9 مليار دولار، في ظلّ حملة إسرائيلية استمرت 16 شهراً من الحصار والقصف المكثف على قطاع غزّة.

وأشار التقرير إلى أنّ إدارة بايدن تجاوزت الكونغرس لتسريع عمليات التسليح، فيما كانت تُعلن للرأي العام الأميركي أنها تسعى لوقف إطلاق النار.

وشدد التقرير على وجود قلق متزايد داخل وزارة الخارجية الأميركية، حيث عبّر موظفون في السلكين الدبلوماسي والمدني عن صعوبة التوفيق بين سياسات الإدارة ويمينهم على احترام الدستور، محذرين من تآكل مكانة واشنطن الدولية وتزايد فرص اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط.

كذلك، ذكر التقرير أنّ بعض المسؤولين الأميركيين، مثل نائب مساعد وزير الخارجية، كريستوفر لو مون، حاولوا وقف عدد من صفقات السلاح إلى "إسرائيل"، لكن اعتراضاتهم قوبلت بالتجاهل، باستثناء تأخير محدود لتسليم بنادق للمستوطنين.

واعتبر التقرير أنّ هذه السياسات تعكس أولوية أرباح صناعة الدفاع الأميركية على سيادة القانون، مشيراً إلى أن حتى "الجيش" الإسرائيلي تفاجأ من مدى الدعم المفتوح الذي تلقّاه من إدارة بايدن، خلافاً للتجارب السابقة التي مارست فيها واشنطن ضغوطاً لكبح حجم الدمار.