إسرائيل الكبرى حقيقة أم سراب

إسرائيل الكبرى حقيقة أم سراب
سعدات عمر
ليست من فراغ تصريحات أفيخاي أدرعي الناطق بإسم الجيش الاسرائيلي مُنطلقاً من النوايا الاستعمارية الصهيونية الاستيطانية وما تبعها من مخططات ومشاريع لم تتوقف كما أنها لم تقتصر على حدود فلسطين فقد سعت الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية نظرياً وعملياً الى تنفيذ مخططاتها الأولى التي شملت إلى جانب فلسطين أجزاء من مصر الأراضي الواقعة شرقي نهر النيل بالإضافة إلى شرقي الأردن وجنوب غرب سوري وأجزاء من لبنان وقد يُتيح تتبع تلك السياسة الصهيونية رؤية تيارين داخل الحركة الصهيونية في بداية نشاطها في مجال الإستيطان يقول الأول أنه يجب البدء بعملية الاستيطان من الشرق إلى الغرب أي من أطراف الصحراء في شبه الجزيرة العربية والعراق غربي نهر الفرات وم ثم الاتجاه نحو البحر المتوسط ونهر النيل أما التيار الثاني وهو الذي يدعو إلى عكس ذلك فينادي بالاستيطان من الغرب أي من غرب نهر النيل في مصر إلى أطراف الصحراء في شبه الجزيرة العربية والعراق وصولاً إلى نهر الفرات أي أن كلا التيارين متفقان على الهدف النهائي وهو خلق إسرائيل الكبرى. ما يهمنا هو تحذير الناطق الرسمي باسم الحيش الإسرائيلي محذراً حول المساس بالأراضي الواقعة جنوب وغرب سوريا أي الجولان وخصوصاً أراضي حوران بالذات التي اشترتها سنة 1894 حركة إحياء صهيون في الولايات المتحدة وقائدة حملة الهجرة للاستيطان في حوران فقد اشترت من المدعو أحمد أبو الهدى مائة ألف دونم في قرى سحم الجولان وجبلين ونبعة وبوسطاس واشترى روتشيلد عن طريق مبعوثه الياهو شايد إلى السلطان العثماني وعلى أثر المحادثات تسلم روتشيلد من الوزير الأول العثماني أي رئيس الوزراء الموافقة على البيع وعلى الموافقة على السماح بدخول 300 عائلة يهودية إلى حوران سنوياً حيث وصل في عام 1895 إلى حوران مستوطنين يهود من رومانيا والولايات المتحدة وروسيا حيث بلغ عددها 35 عائلة يهودية اشتغلوا بالزراعة ولكن العشائر العربية بدأت تهاجم المستوطنين اليهود وكذلك مضايقات حاكم دمشق من جهة أخرى الذي اتهم المستوطنين بإقامة مخازن لتجميع السلاح وبأنه كان للمستوطنين علاقة بثورة الدروز التي اندلعت في تلك السنة 1895 فأمر بطردهم من حوران ولكن بالضغوط العثمانية سُمح لهم بالعودة إلى بيوتهم مع عدم السماح بوصول مهاجرين جدد وقد تغلغل العرب أصحاب الأراضي من جديد في تلك الأراضي والتوطن عليها بصورة دائمة فقد شعر العرب من السكان المحليين بأنهم أصحاب الأرض والبيوت وتم خلال العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي عرض عدة مشاريع لتجديد الإستيطان اليهودي في حوران ولكن في بداية العشرينات من القرن الماضي تم مبادلة الأراضي في حوران مع الأمير سعيد الذي كان يملك أربع قرى قرب جبل طابور القريب من الناصرة وقد تم بذل مجهود رئيسي وعملي في هذا المجال عشبة الحرب العالمية الثانية ففي تلك الفترة تبلورت خطة لتحويل قسم من أراضي روتشيلد في حوران وخاصة في سحم الجولان إلى مكان لإعداد وتأهيل أعضاء حركة هيحا لوتس الطلائعي في سوريا قبل هجرتهم إلى فلسطين نتيجة المد القومي والوطني في سوريا وتعتمد الحركة الصهيونية حالياً للوصول إلى الهدف النهائي وهو خلق إسرائيل الكبرى على أنظمة عربية متصهينة يساعدها أردوغان وكانت البداية في سوريا لهذا كله جاء أفيخاي أدرعي متحمساً لاحتلال جنوب وغرب سوريا والضرب على الوتر الدرزي من جديد ولكن أبناء وأحفاد سلطان باشا الأطرش زعيم الثورة السورية الكبرى ورفاقهم في عموم سوريا بإرادتهم العربية الشمَّاء سيُفشلون كل المخططات الصهيونية الاستيطانية، وفي النهاية إن التصريحات التي يُطلقها الإسرائيليون على مختلف مستوياتهم بأنهم لن ينسحبوا من الأراضي الفلسطينية ولن يتخلوا عن الجولان وباقي الأراضي السورية التي أُحتلت في العام 1967 وكذلك من الأراضي العربية السورية بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد لأنها جزء من إسرائيل وكل السياسة الاستيطانية العدوانية التي تتبعها لم يأت من العدم أو بصورة مفاجئة وذلك لأن الآباء الأوائل للصهيونية كانوا قد وضعوا منذ أكثر من قرن المخططات للاستيلاء على المنطقة العربية والسياسة الإسرائيلية الحالية ليست إلا التطبيق العملي والحرفي للسياسة المرسومة سابقآ.