الدروع البشرية

انتشرت مع بداية العدوان على قطاع غزة ظاهرة استخدام الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين كدروع بشرية، خاصة من تم اعتقالهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذين إما أحضروا من السجون الإسرائيلية، أو ألقي القبض عليهم في القطاع. ولم ينجوا من الاستخدام كدروع بشرية حتى كبار السن، حيث ذكر تقرير لصحيفة هأرتس أن جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدموا مسنا يحمل عصاه لكي يتكم من المشي ويبلغ من العمر 80 عاما درعا بشريا لمدة 8 ساعات. وبعد أن أطلق سراحه طلب منه ومن زوجته الذهاب، وفي الطريق قام جنود من الكتيبة بقتل المسنين . كذلك ينجو الاطفال من استخدامهم كدروع بشرية. رغم ذلك فضل الجيش من يصلون إلى العشرينيات من العمر. وكان من يعرف اللغة العبرية منهم يعتبر ميزة لصالح جيش الاحتلال الإسرائيلي. وسمى الجيش الإسرائيلي هؤلاء الشبان بـ "الشاويش" اسوة بالشاويش الذي يمثل السجناء الفلسطينيين أمام إدارة سجون الاحتلال. وقبل تنفيذ الفلسطيني درعا بشريا، وضعت المعايير التالية لاستخدام هؤلاء الشبان مثل:
1. عدم ضربهم بشدة كي يستطيعوا القيام بالعمل بشكل سليم.
2. إلباسهم لباس الجيش الإسرائيلي، ولا يميزهم عن الجيش الإسرائيلي سوى الأحذية.
3. وضعهم في أماكن محددة بعيدة عن غرف الجنود والضباط.
4. إبقاء أياديهم مقيدة من الخلف والأملم بسلاسل طويلة عند الدخول إلى نفق لمنع هروبهم. وفي أحيان أخرى زود من استخدم كدرعا بشريا بجهاز تعقب، وقيل له أن إزالته تعني الموت قتلا.
5. مدة الدخول إلى النفق 10 دقائق.
6. زود من استخدم كدرعا بشريا بكاميرا لمراقبة ما يجري داخل النفق.
وقد بدأت ظاهرة استخدام الفلسطينيين في كل قطاع غزة كدروع تتكشف ،مباشرة بعد الوصول إلى مستشفى الشفاء، بعد وقف إطلاق النار الأول، من قبل كل الضباط الميدانيين بعلم من هيئة الأركان وفي مقدمتهم رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية، حيث أرسل الفلسطينيين إلى مداخل الأنفاق والحفر (الابار) والمنازل المدمرة، ليتأكدوا من عدم وجود مسلحين فلسطينيين داخل هذه الانفاق والحفر.
وأورد التقرير الصادر عن صحيفة هأرتس بعض شهادات الجنود عن استخدام الفلسطينيين في قطاع غزة كدروع بشرية بقولهم، إن حياتهم كجنود أهم من حياة الغزازة، وإذا قدر لعبوة ناسفة أن تنفجر فالتنفجر بهم وليس بنا .
وفي شهادة لأحد الضباط الذي خدم في قطاع غزة لمدة 9 أشهر ونقلت صحيفة هأرتس شهادته من دون التعريف باسمه، قال أن تقديم 6 جنود للمحاكمة بتهمة استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية تجافي الحقيقة بشكل كبير جدا، وكان الأجدر بالهيئات العسكرية القضائية المعنية بهذه الموضوع تقديم 2190 متهم للتحقيق باستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية . وجاء استخدامهم كدروع بشرية نتيجة النقص الذي حصل في "وحدة عوقيتس" وهي الوحدة الخاصة باستخدام الكلاب في الكشف عن المتفجرات والالغام والاشخاص وغير ذلك من المهام. واعتبر استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية "مهمة عسكرية عملياتية" وفق الضابط المذكور.
ووفق الضابط المذكور، سبق استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، استخدام الكلاب والطائرات المسيرة الصغيرة والربوتات على مختلف أنواعها، التي كانت تؤدي لنفس النتيجة، لكنها ليست أسرع من استخدام الاشخاص.
وأشار الضابط المذكور إلى أن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية تم 6 مرات في اليوم على الاقل، وأنه شاهد بعضهم يبول في سرواله من شدة الخوف، علما أن من تم استخادمهم كدروع بشرية لم يتهموا من قبل الجيش بأية اتهام، لقد كانوا أشخاص أبرياء. وأضاف الضابط أن كل قسم في الجيش الإسرائيلي ،يضم من 35-65 جندي، كان معه فلسطيني يستخدم كدرع بشري، في حين يضم اللواء 36 فلسطيني استخجم كدرع بشري .
وقال هذا الضابط أنهم أطلقوا على الفلسطينيين المستخدمين كدروع بشرية ألقاب مثل: "إجراء الحشرة" وهو أسوأ الالقاب أو "الشاويش" أو "العبد" أو "العجلة" (العربة)، حيث كانت مهتهم إدخالهم إلى المنازل أو مداخل الانفاق للتأكد من وجود أو عدم وجود "مخربين" في داخلها .
من جهة أخرى قال المواطن الفلسطيني من سكان قطاع غزة رامز السكافي لصحيفة الغارديان البريطانية أن القوات الإسرائيلية وبعد ان أحرقت منزله، اعتقلته واستدخمته درعا بشريا لمدة 11 يوما لتفتيش المنازل والأنفاق. وعندما حاول الاعتراض تم الاعتداء عليه بالضرب وأبلغه ضابط الكتيبة أن ليس حرا في هذا الموضوع . وفي نفس السياق تحدث المواطن اسماعيل صوالحي عن كيفية استخدامه كدرعا بشريا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بقوله :"كانوا يأخذوننا معهم في المهمات، وأرسلوني إلى المنازل للتأكد من سلامتها قبل دخول أفراد الجيش الإسرائيلي إليه، وعند خروجهم من المنازل كانوا يفجرونها" .
لم يتوقف تعريض حياة الفلسطينيين للخطر نتيجة، استخدامهم كدروع بشرية في مهمات عسكرية للجيش الإسرائيلي، بل قام أحد الضباط من لواء الناحل بقتل فلسطيني كان متواجدا مع الجنود في أحد المنازل، وعندما قيل له أن هذا الفلسطيني ساعدنا كدرع بشري، قال لم أكن أعلم.
كذلك استخدم المواطنين الفلسطينيين كدروع بشرية في الضفة الغربية، حيث أفادت تقارير صحفية ودولية أن جيش الاحتلال أجبر ناصر الدمج من مخيم جنين على الدخول إلى كهف أدعت سلطات الاحتلال أنه منشأة قتالية. كما شوهدت درويات إسرائيلية مصفحة وهي تحمل جرحا على سطح مقدمتها لمنع الفلسطينيين من التصدي لها. الدروع البشرية وحركة التمويه على اقتحامات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية طالت استخدام المركبات العادية ومركبات الاسعاف الفلسطينية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين بدل إنقاذهم.
وجاءت تصرفانت جيش الاحتلال، ليس فقط لمعارضتها للقانون الدولي، بل حتى لقرارات محكمة العدل الإسرائيلية التي منعت استخدام هذا الاسلوب، منذ الانتفاضة الأولى التي كانت تحاول فيها سلطات الاحتلال تصوير نفسها وكأنها تحت القانون.
عليان هندي