حديث الطرشان يطغى في غزة

ديسمبر 20, 2023 - 10:34
حديث الطرشان يطغى في غزة

حمدي فراج

يشبه حديث المرأة الفلسطينية من غزة مطالبتها الإسرائيليين تحديد مكان آمن لتذهب اليه، يشبه حديث الطرشان.

 الإسرائيليون يا خالتي المحترمة البريئة ، لم يأتوا الى غزة لتحديد مكان آمن ، بل حضروا ليبيدوا غزة عن بكرتها ، وقد قالوا ذلك علانية و صراحة وباللغات العبرية التي يفهمها شعبهم وبالانجليزية التي يفهمها حلفاؤهم و بالعربية التي بالكاد أصحابها الحكام يفهمونها، قالوا ان شعب غزة مجرد حيوانات بشرية ، وقالوا انهم كلهم حمساويون او يؤيدون "حماس" ويحتضنونها ، ثم قالوا قصفهم بالقنبلة الذرية ، كانت هذه تصريحات واقوال دامغة ، لكن الأفعال كانت أكثر دمغا واكثر مصداقية ، قتلوا ما يزيد على عشرة الاف طفل وطفلة ، هدموا كل ما استطاعوا هدمه بما في ذلك دور العبادة والمستشفيات والمدارس، وبلغ حجم القنابل ثلاثة اضعاف قنبلة هيروشيما الذرية .


حديث الطرشان ، لا يقتصر على المرأة النازحة ، لكنه يكاد ينطبق على كل حوار مع الإسرائيليين والأميركيين وكل من يدور في فلكهما ، فعندما تقول أميركا ان إسرائيل لا تستهدف المدنيين عمدا ، تسألهم : ومن الذي قتل كل هذه الاعداد من الأطفال و النساء والصحفيين والممرضين والدفاع المدني والمنظمات الإنسانية. انعقاد مجلس الامن خمس مرات ، ومعرفة المجموعة العربية بأن أميركا سترفع يدها بالفيتو ، أليس حوار طرشان أممي ؟ .


في الأيام الأخيرة ، ظهرت نبرة أميركية على عربية ان على إسرائيل تقع مسؤولية حماية المدنيين وقت الحرب، وهي نفسها إسرائيل القائمة بقوة الاحتلال، من تقوم بمنع الطعام والماء والدواء عنهم ، حتى كاد الأطفال ان يتحولوا الى وحوش صغيرة تلتهم الخبز الحاف والجاف .


كل العالم تقريبا يطالب إسرائيل بوقف العدوان على غزة ، بمن في ذلك أميركا ، لكن لا بأس ان يستمر القصف عدة أسابيع أخرى ، كل الإسرائيليين تقريبا يطالبون حكومتهم إعادة المختطفين الى بيوتهم وعائلاتهم بأي ثمن ، الحكومة متوافقة على ذلك ، لكن لا بأس من تشديد القصف عشرة أيام أخرى او عشرين بعد السبعين ، فربما يجعل هذا "حماس" ترضخ ، كيف استغرق الامر كل هذا الوقت ، وكيف تبدل شعار الحرب من إبادة "حماس" الى مفاوضتها حتى "ربما ترضخ" ، لا أحد يعرف ، الا أن يكون الحوار حوار طرشان ، حتى نجح ثلاثة مختطفين من تحرير انفسهم ، بعد حادثة مقتل جنديين حاولا انقاذ مختطف ، سمعوا الثلاثة صوت الدبابات فقالوا جاء الفرج ، خرجوا شبه عراة حتى لا ينتاب جنود الجيش الذي لا يقهر أي شك انهم مسلحون او متحزمون بمتفجرات ، رفعوا راية بيضاء ، وتحدثوا باللغة العبرية ، و قتلوا . لأنه كان حديث طرشان ، بل أطرشان التقيا في الشارع ، فسأل الأول الثاني : هل انت ذاهب الى السوق ؟ فرد الثاني : لا ، أنا ذاهب الى السوق . فقال له الأول : اعذرني ، اعتقدت انك ذاهب الى السوق . أما شكسبير على لسان اقطاعي انجليزي يتحدث الى عبده الافريقي بالانجليزية التي لا يفهمها ، فكان يكرر الكلام صارخا في أذنه ظانا أنه أطرش .