ولا تسبوا

محمد قاروط ابو رحمه
اورد ابن كثير في تفسيره عن سبب نزول الاية (181) من سورة الانعام عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فيسب الكفار الله عدوا بغير علم ، فأنزل الله (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله)
واورد غيرع ايضا: كان اصحاب النبي صل الله عليه وسلم، يسبون الاصنام، وعلى اثر ذلك، قدم كفار مكة شكوى الى عمه ابو طالب تطالبه بمنع محمد واصحابة عن سب اللهتم او المعاملة بالمثل، اي سب المشركين اله محمد صل الله عليه وسلم وصحبه.
ولان المعاملة بالمثل تضع الاصنام (الهتهم) بمستوى اله محمد صل الله عليه وسلم، ولان الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيئ. انزل الله تشريع كامل لمثل هذه الحالات. كما ورد في سورة الانعام:
وَلَا تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴿١٠٨﴾ الانعام
خمس مسائل في هذه الاية:
الأولى: قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ} نهي. {فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ} جواب النهي.
فنهى سبحانه المؤمنين أن يَسُبُّوا أوثانهم؛ لأنه علم إذا سبّوها نفر الكفار وٱزدادوا كُفراً.
الثانية: حكمها باقٍ في هذه الأمة على كل حال.
الثالثة: ودليلٌ على وجوب الحكم بسدّ الذرائع؛ وفيها دليل على أن المحقّ قد يكفّ عن حق له إذا أدّى إلى ضرر.
الرابعة: قوله تعالى: {عَدْواً} أي جهلاً وٱعتداء.
الخامسة: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} أي كما زيّنا لهؤلاء أعمالهم كذلك زينا لكل أمة عملهم. قال ابن عباس: زيّنا لأهل الطاعةِ الطاعةَ، ولأهل الكفرِ الكفرَ
الدروس المستفادة من الآية:
الاول: مخالفة النهي اختيار تصرف غير أخلاقي
الثاني: تسببت بالتطاول على الذات اللاهية، وعلانيتا.
الثالث وصف هذا التصرف بالجهل او بعدم العلم.
الرابع: فتنه في المجتمع لانها خالفت (﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ الحجرات: (13) والفتنة اشد من القتل
الخامس: دخلت في حدود التعدي على حقوق الآخرين، والشرك بالله لا يغفر، وحقوق الاخرين من موانع دخول الجنة حتى ياخذ كل ذي حق حقه من المعتدي.
في الختام: نحن هنا على هذه الارض، نقضي جزء من عمرنا ومن وقتنا وينفق البعض منا جزء من ماله الخاص ونتلف جزء من جسمنا في سبيل ان نتعلم سويا علم ننتفع به نحن اولا، ونعلمه لغيرنا. فلا يصح ان نسب غيرنا لان ذلك يذهب اعمالنا واعمارنا هدرا. ومعا سنشهد لبعضنا يوم القيامة اننا تعلمنا من علم بعضنا، ونحن بحاجة الى تذكير غيرنا وتعليمهم ليشهدوا لنا ويكون علمنا حجة لنا لا حجة علينا.
ولا تسبوا.