ترامب ومخطط التهجير

عطية الجبارين
بعد أن عاد للبيت الأبيض رئسياً، ها هو الرئيس الأمريكي المُنصب حديثاً دونالد ترمب يعيد الجدل في الكثير من تصريحاته، كما شهدت فترة رئاسته الأولى.
لقد كان للقضية الفلسطينية نصيباً من هذه التصريحات، ومنها "مظلمة التهجير مجدداً لأهل فلسطين "إذ قال إنه يضغط على مصر والأردن ودول عربية أخرى لاستقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين. وهذا الكلام يعني تبني ترامب لوجهة نظر دولة الاحتلال في موضوع وقضية التهجير والترحيل لأهل فلسطين.
إن مسألة التهجير لأهل فلسطين هي رؤية دينية توراتية عند اليهود، وهي فكرة أساسية في مشروع إيجاد دولتهم الكبرى الخالصة والخالية من "الأغيار" حسب معتقداتهم، والرئيس الأمريكي ترامب يتبنى هذه الرؤية من زاوية سياسية، فلذلك وجب النظر لتصريحات التهجير التي أطلقها بالجدية، وليس للاستهلاك الإعلامي.
فيبدو أن ترامب يريد تهيئة الأجواء للدول العربية وخاصة المحيطة بفلسطين للسير في هذا التهـجير القسري الذي سبق أن لاقى رفضاً كبيراً من أهل المنطقة كلما تم طرحه، وبعبارة أخرى هي عمـلية (جس للنبض) إن كان يستطيع الحكام في المنطقة الضغط على شعوبهم للقبول بسياسة تهجير الفلسطينيين إلى هذه البلاد ليتم بذلك تفريغ الأرض المباركة من أهلها ليسهل ضمها كاملة لدولة الاحتلال، وإذا كان هناك رفض شعبي في هذه البلاد، عندها يتم التأجيل لوقت آخر يراه ترامب مناسباً لتنفيذ هذه الجريمة الكبرى.
لا شك أن الذي يجعل رئيس الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، وأية جهة أخرى في هذا العالم يكثر من الكلام والحديث عن تهجير أهل هذه الأرض المقدسة هو حالة العجز والانقياد التي "تتمتع" بها ألانظمة الحاكمة في بلاد العالم الإسلامي ومنه العربي. لكن رغم هذا الحال وهذا الواقع المزري إلا أننا ندرك أن الأمة لا بد أن تتحرك يوماً ما، وتقف الوقفة الصحيحة والمطلوبة منها، وعندها ستجعل تصريحات ترامب وكل من لف لفه هباء منثوراً. كما أن العالم أجمع يخبر ويشهد تمسُّكنا كأهل هذه الأرض المباركة بديارنا التي هي جزء مركزي من بلاد الإسلام. ولا أدل على هذا التمسك والاستعداد للموت من أجل البقاء على هذه الأرض صورة ومشهد الآلاف المؤلفة من أهل غزة وهم يمشون على أقدامهم حفاة وجوعى في ظروف جوية صعبة وقاسية وظروف أرضية أصعب، ومع ذلك يحثون الخطى إلى بيوتهم التي يعلمون أنها قد دُمرت بفعل آلة الحرب لدولة الاحتلال، ولكنهم يعدون الوصول إليها شأناً عظيماً. من شاهد كل ذلك وتدبره، يدرك أن تصريحات ترامب ومكره بتفريغ فلسـطين من أهلها، حتى وإن خالطه مكر الموالين له والسائرين في ركابه سيرتد عليهم خسراناً.
تبقى الحقيقة الدامغة أن قضية فلسطين مسؤولية الأمة جمعاء، إن تحركت تحركاً حقيقاً من أجلها ومن أجل قضاياها الكبرى فازت وانقذت الأرض المباركة وأهلها، وإن بقيت في سباتها تسربلت بلباس الخزي والعار، وسجلت في كتاب تاريخها مسبة ستلاحقها أبد الدهر.