لا تنظر إلى دموع عينيه

أغسطس 19, 2024 - 09:54
لا تنظر إلى دموع عينيه

عطية الجبارين

عندما تجد الاختلاف والتناقض بين التنظير والتصريحات والمواقف العملية فإن ذلك لا يعني إلا النفاق والازدواجية في المواقف. وهذا ما رأيناه من دول الغرب الرأسمالي الاستعماري في حرب الظلم التي تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر. فالغرب الذي يدعّي "قدسية" حقوق الإنسان ومنها حقوق الطفل، وفي نفس الوقت تجد مواقفه نقيضة لكل هذا الادعاء، وكأن الذين يُقتلون ويبادون في غزة ليسوا بشراً وليسوا أطفالاً.


عندما صرّح وزير المالية في دولة الاحتلال "سموتريتش" قائلاً إن "ترك سكان قطاع غزة يموتون جوعاً يمكن أن يكون أمراً مبرراً وأخلاقياً. هذا التصريح أدانته بريطانيا وألمانيا والاتحاد الاوروبي. في حالة التنظير والتصريحات نجد من دول الغرب هذه الإدانة والانتقاد، ونجدها تتباكى على أشلاء الأطفال والعُّزل الضعاف، ولكن في المواقف العملية نجد هذه الدول تمد دولة الاحتلال بكل أنواع الأسلحة التي تُستخدم في عملية القتل والإبادة هذه. ثم تجدهم يدينون سياسة التجويع التي تمارس بحق أهل غزة ثم يمدون دولة الاحتلال بكل أنواع المساعدات.


إن صورة النفاق الغربي وازدواجيته لم تكن خفية يوماً ما، إلا أنها لم تكن بهذا الوضوح بعد عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة، فالعالم اليوم أصبح كله يشهد ويرى ويحس نفاق وكذب دول الغرب المستعمرة في هذه الحرب.


إن الحُكم على المواقف تُذّكرنا بقصة "العصافير والصياد"، عندما اصطاد صيادٌ مجموعة من العصافير في يوم شديد البرودة، فبدأ بذبح العصافير واحداً تلو الآخر، ومن شدة البرد والريح كانت دموعه تتساقط، فقال عصفور لآخر انظر "كم هذا الصياد طيب فدموع عينيه تتساقط حُزنّاً علينا"، فقال له صديقه "لا تنظر إلى دموع عينيه، بل انظر إلى ما تفعل يداه".


فهذا الغرب قاطبة كان علينا أن لا ننظر لتصريحاته وإداناته إزاء ما يجري من وحشية على غزة بل إلى مواقفه العملية!


من مواقف ومواطن الضعف أن نبقى نعوّل على أعداء الأمة في إنصافنا وحل قضايانا، ومن مواقف القوة والعزة أن نسعى لحل كل قضايانا بأيدينا، وفق رؤانا الفكرية والعقدية، فلذلك كان سبيل عزتتا وخلاصنا من كل أعدائنا وشرورهم ومخططاتهم. نهضتنا على أساس مبدئنا وعقيدتنا فنعود أمة واحدة ومتحدة في كيان سياسي واحد يقوم على أساس عقيدة الأمة ومبدئها، وعندها يرى الغرب قاطبة بل العالم أجمع العدل وقيمة الإنسان في هذه الدنيا مهما كان دينه ومعتقده.

..............
إن صورة النفاق الغربي وازدواجيته لم تكن خفية يوماً ما، إلا أنها لم تكن بهذا الوضوح بعد عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة.