"ثورة في الذكاء الاصطناعي.. دمج ChatGPT مع واجهات الدماغ-الحاسوب يغير حياة المصابين بالشلل"

أغسطس 17, 2024 - 09:38
"ثورة في الذكاء الاصطناعي.. دمج ChatGPT مع واجهات الدماغ-الحاسوب يغير حياة المصابين بالشلل"

صدقي أبوضهير

في عالم يشهد تطورًا سريعًا في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يبرز دمج نظام ChatGPT مع واجهات الدماغ-الحاسوب (BCI) كأحد أهم الابتكارات التي قد تحدث ثورة في حياة الملايين من الأشخاص المصابين بالشلل. هذا التطور ليس مجرد إنجاز تقني فحسب، بل يمثل تحولًا جذريًا في كيفية تفاعل الإنسان مع العالم الرقمي، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة الحياة.
شركة Synchron، التي تتصدر المشهد في مجال تطوير واجهات الدماغ-الحاسوب، قامت بخطوة تاريخية من خلال دمج ChatGPT مع تقنياتها العصبية المتقدمة. هذه الشركة هي الأولى في العالم التي نجحت في تحقيق هذا الإنجاز، والذي يهدف إلى تسريع وتسهيل عملية التواصل للأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية تجعلهم غير قادرين على استخدام الوسائل التقليدية للتفاعل مع الأجهزة الرقمية.
لكن كيف يعمل هذا النظام المبتكر؟ يعتمد نظام واجهة الدماغ-الحاسوب (BCI) على جهاز صغير يُسمى "stentrode"، والذي يتم زراعته بدقة داخل وعاء دموي قريب من القشرة الحركية في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن التحكم بالحركات الإرادية للجسم. يقوم هذا الجهاز بالتقاط الإشارات العصبية الناتجة عن التفكير في حركة معينة، مثل تحريك اليد أو الضغط على زر، ومن ثم يحولها إلى إشارات رقمية تُرسل لاسلكيًا إلى جهاز متصل، مثل الكمبيوتر أو الهاتف الذكي.
ما يميز هذا النظام عن غيره هو دمج ChatGPT، والذي يعد واحدًا من أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي لتحليل اللغة الطبيعية. بعد دمج ChatGPT، لم يعد المستخدم بحاجة إلى كتابة كل كلمة أو جملة بشكل منفصل. بدلاً من ذلك، يقوم ChatGPT بتحليل سياق المحادثة ويقدم مجموعة من الردود المحتملة التي يمكن للمستخدم اختيارها بمجرد التفكير في الاختيار المناسب. هذا التفاعل السريع والذكي يجعل من عملية التواصل أكثر سلاسة وفعالية، خاصة للأشخاص الذين يواجهون صعوبات في استخدام الأعضاء الحركية.
الفوائد التي يجلبها هذا التطور التكنولوجي لا تقتصر على تسهيل التواصل فحسب، بل تتعداه لتحسين الصحة النفسية للأشخاص المصابين بالشلل. فالتواصل المستمر مع الآخرين يعزز من الشعور بالاندماج الاجتماعي ويقلل من مشاعر العزلة التي قد يعانيها هؤلاء الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه التقنية أن تفتح آفاقًا جديدة في العلاج الطبيعي، حيث يمكن استخدامها لتحفيز العضلات وتحسين القدرة الحركية بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
من الواضح أن دمج ChatGPT مع واجهات الدماغ-الحاسوب يمثل قفزة نوعية في مجال التكنولوجيا المساعدة. هذا التطور لا يعزز فقط من استقلالية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بل يوسع من حدود ما يمكن تحقيقه من خلال التكامل بين الإنسان والآلة. المستقبل يبدو واعدًا، حيث أننا قد نرى مزيدًا من الابتكارات التي تعزز من قدرات الإنسان وتعيد تعريف الممكن في عالم التكنولوجيا والطب.
في النهاية، يمكن القول إن هذا الإنجاز هو بداية لعصر جديد في تكنولوجيا التواصل، حيث يصبح من الممكن لكل فرد، بغض النظر عن حالته الجسدية، أن يشارك في العالم الرقمي بكامل إمكانياته. هذه ليست مجرد رؤية للمستقبل، بل هي حقيقة بدأت تتحقق اليوم، بفضل الإبداع والابتكار المستمر في مجال واجهات الدماغ-الحاسوب والذكاء الاصطناعي.

*باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
-------------
هذا التطور لا يعزز فقط من استقلالية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، بل يوسع من حدود ما يمكن تحقيقه من خلال التكامل بين الإنسان والآلة.