فشل وإخفاق للجيش في 7 أكتوبر أم بعده؟

يوليو 16, 2024 - 15:17
فشل وإخفاق للجيش في 7 أكتوبر أم بعده؟

وسام رفيدي

لم يأتِ تقرير لجنة التحقيق في واقعة 7 أكتوبر بجديد حين استخدم مراراً كلمتي الفشل والإخفاق في وصف تعامل جيش دولة الإبادة مع اقتحام 7 أكتوبر. فالفشل والإخفاق، هاتان المفردتان اللتان تردّدتا في التقرير، وفي إيجاز الناطق باسم الجيش، كانتا تعكسان بشكلٍ ملطّف، بل ومجامل، حقيقة الكارثة التي واجهها الجيش، إذ أن كافة المعطيات والتحليلات وتقارير الإعلاميين، ومنذ 8 أكتوبر، ذهبت للقول أن الانهيار، ولساعات، هو ما ميز سلوك الجيش وجهاز الشرطة والمستوطنين في تعاملهم مع واقعة الهجوم والاقتحام.

في معرض توضيحها لأحداث 7 أكتوبر، قالت حركة حماس في وثيقتها المعنونة (هذه روايتنا. لماذا طوفان الأقصى؟) :" ربَّما يكون قد حدث بعض الخلل أثناء تنفيذ عملية طوفان الأقصى، بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج والمنظومة الفاصلة بين قطاع غزة ومناطق عملياتنا". وهذا لم يكن فقط اعترافاً جريئاً ببعض الخلل، وحدوث بعض الفوضى، خاصة حين اقتحم المدنيون الغزيون المستوطنات والمواقع العسكرية، بل وأيضاً إشارة للظروف التي مهدت لبعض الخلل، ولبعض الفوضى نتيجة "انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع"، وهذا الأهم.

الانهيار الكامل والسريع ليس مجرد فشل وإخفاق، إنه انهيار يرسّخ في الوعي، وبالحقائق الميدانية منذ 7 أكتوبر، وحتى الآن، سقوط مقولة "الجيش الذي لا يقهر" في الوعي المحلي والعالمي، وقد تحول فعلياً لجيش عاجز عن تحقيق أهداف أعلنها، ومنذ أكثر من 9 شهور، لم يملك إلا ممارسة نزعة انتقامية دموية تستهدف القتل لمجرد القتل، بل والاستمتاع به، كما نقلت التقارير الإعلامية عن جنود أعلنوا استمتاعهم بالقتل، "قتلاً للملل". ومع ذلك يصر نتياهو، في آلية معروفة نفسياًو قائمة على الهروب للأمام وإنكار الحقيقة، أنه الجيش الأكثر أخلاقية في العالم!.

أما أن أعداداً كبيرة من المستوطنين جرى قتلهم، نتيجة قصف الدبابات لبيوت فيها مقاتلون يحتجزون مستوطنين، وتطبيق نظام هانيبال بقتل كل من الأسير وآسره، فالتقرير يقلل من حجم تلك الكارثة بحيث يقر بمقتل 13 مستوطناً فقط في مستوطنة بئيري، نتيجة قصف الدبابات لمنزل فيه مقاتلون من حماس، لا بل يسعى لنفي أن قذيفة الدبابة هي المتسببة بالقتل، بل "يرجح" أن المقاتلين هم مَنْ فعل!. وكانت تحقيقات صحيفة هآرتس وتقرير الشرطة، قبيل شهور أشارت لتلك الوقائع، وبطريقة كاشفة أكثر مما يفعله التقرير.

لن ينفع الغرق في التفاصيل في إنقاذ مكانة وسمعة الجيش مما حصل في 7 أكتوبر، ففي تاريخ دولة الإبادة كانت أفضل طريقة لطمر الحقيقة هي إغراق الحدث الخاضع للتحقيق إما لتفاصيل تخفي جوهر ما حدث، أو اختراع أسباب غير حقيقية للحدث.

لنتذكر التحقيق في تفجير مبنى المخابرات والجيش في صور في 11 نوفمبر 1982، ومقتل 75 من الجنود وضباط الشاباك، والحديث الرسمي آنذاك كان دائماً عن انفجار جرار الغاز! علماً ان الفدائي أحمد القصير بات اسمه معروفاً كاستشهادي نفذ العملية، ونصبه التذكاري في بعبلك شاهد على ذلك. بعد 22 سنة، يصدر تقرير التحقيق ليؤكد أن التفجير نتيجة عملية فدائية بتفخيخ المبنى المكون من 7 طوابق!!!!

تقرير التحقيق الجديد لن يخفي حقائق أكثر من 9 شهور. فالشعب الذي يمارس الاستعمار الصهيوني الفاشي ضده حرب إبادة موصوفة من كل الهيئات الدولية القانونية في العالم، ممارسة تحركها نزعة انتقامية مرضية تعشق الدمار والدم، والشعب الذي يحتمل رغم كل المآسي والدمار، ومقاومة تصمد وتقاتل بإعجاز. بعد 9 شهور تفشل دولة الإبادة في تحقيق أهدافها في تدمير قدرات حماس والمقاومة، رغم الخسائر الجدية بالتأكيد، تفشل في إيجاد بديل محلي ينفذ لها سياستها (لليوم التالي)، تفشل في تحرير أسراها من أيدي المقاومة، تفشل في تهجير السكان إلى سيناء، فتحقق أحلام العنصريين الفاشيين المهووسين بإعادة الاستيطان للقطاع.

هذا ما لم يقله الجيش في تقريره، ولكن محلليهم وسياسييهم وجنرالاتهم وخبرائهم يقولونه، وكذا أغلبية مجتمع المستوطنين، والأهم من هذا ما تقوله سطور البطولة والصمود والمقاومة، منذ أكثر من 9 شهور.

الانهيار الكامل والسريع ليس مجرد فشل وإخفاق، إنه انهيار يرسّخ في الوعي، وبالحقائق الميدانية منذ 7 أكتوبر، وحتى الآن، سقوط مقولة "الجيش الذي لا يقهر" في الوعي المحلي والعالمي.