يا قاتلي...

مايو 25, 2024 - 09:19
يا قاتلي...

يا قاتل أحلامي وغدي ويومي، هذه وصاياي إن تشأ فاسمعها واحفظها عن ظهر قلب.. اقتلني خلسة ولا تجاهر بالقتل ولا تجعل مني بطلاً شهيداً، فالجمع قد أضحوا عبيدا عند جلال سلطانك، لكن أرجوك أن ترحم الشجر، وكما هي كلماتي في غابر الأزمان حينما كانت ثورتي على قياصرة روما الجدد.. لكنني أوصيك إن تشأ شنق الجميع أن ترحم الشجر، لا تقطع الجذوع كي تنصبها مشانق، لا تقطع الجذوع فربما يأتي الربيع والعام عام جوع... والقتل قد صار الطبيعي في ظل موازين معادلة القهر الراهنة، والجنايات الدولية من المُنتظر أن تساوي ما بين الضحية والجلاد، والجلاد يملؤ الدنيا ضجيجا ليكون هو الضحية المقتولة والمُجبر على القتل، والحجة هنا معاداة السامية التي أضحت قميص عثمان، ------وكأن سام ابن نوح ----------قد أورثهم كل هذا الموروث القادم من تزوير التاريخ، ومن يكتب التاريخ منطق القوة والقوة متغيرة وفقا لمتغيرات القتل والذبح، وهتلر كان كتب التاريخ يوما.


أيها القاتل، هل تشاهد القتلى وكيفية قتلهم ..؟؟ وقد نكون نحن أيضا من يساعدك بالقتل ويمنحك حق القتل ، و(النحن) هنا تعني نحن عرب أقحاح والبعض ممن يتربصون بحلم مناطحة الشاة لسكين الذبح..
أيها القاتل وبالعبرية ناطق تنحى قليلا ، ومن بالعربية متلعثم في حضرة قمة أصحاب الجلالة والفخامة تعالوا نتحاكم أمام هذه اللحظة التي أصبحت مخزية وقد تكون مخجلة ومهينة، تعالوا نحاور ذواتنا امام شجر الزيتون المقاوم في ظل الحقد على التين والزيتون وحكايا الجدات، تعالوا نرى المشهد من جديد، وتعالوا نعاود فهم ما يحدث، أو بالأحرى محاولة استيعاب المفردات الجديدة بقواميس الإيمان المطلق لأمام العصر الجديد.. تعالوا ندقق النظر بعيون ذابلة ومحبطة بمشهد الفرار والهروب والجوع من وطن يُقال إنه الوطن...


أيها القتلة على مختلف لهجاتكم ولغاتكم وأنتم الشركاء بالذبح، تعالوا نناجي الرب بحضرة الانكسار والظلم، وإن كان القهر سيد الموقف، ولا داعي لأن نمارس خداع الكلام المعسول والممزوج بدبلوماسية الكذب والتكذيب، ولنصارح فقراء أرصفة الشوارع والجوع، ومن يجوبون الحواري بحثا عن حقيقة وجودهم، وهل باتت أسماؤهم وكنى عائلاتهم من مرادفات إبليس الجديد؟ ... وعذرا لشاعر قال ما قال بحضرة الرب حينما ضاقت رقعة جغرافية الوطن عليه وولى الأدبار هاربا بعتمة ليل غاب القمر ليلتها ليكون فعل الهروب ممكنا، وأنشد مناجيا رب وطنه والأوطان متمنيا على أبواب سنته الجديدة أن يكون للوطن معنى وأن يكون لإنسانيته حقيقة يفهمها الآخر، فحينما يصبح هذا الوطن سجنا والسجان رفيق الأمس، وحينما يتحول الوطن مرتعا لممارسة العهر في وضح النهار، ومملكة لأمراء المجون، يصير كل شيء مباح، وانهيار مداميك ما يسمى بالقيم والأخلاق والمحرمات فيه الكثير من وجهات النظر.. فنيرون أحب روما وأحرقها، والحجاج حفظ كلام الله وقصف الكعبة.. وأنتم والجالسون بالقمم العربية وعلى رأسكم ذاك الناطق باسمنا، تعالوا لنقول كلمتنا بوجه التنين ولمرة واحدة وليكن من بعد ذلك الطوفان، سئمنا التحليل والتعقل وممارسة أقصى درجات الضبط والحكمة ولربما يتطلب الموقف أن نصبح المجانين بوضح النهار، وجنون الجماهير فيه الكثير من التعقل حينما تعجز القيادات بليلها.
هي كلمة الجماهير الآن، وهي كلمة من يجب أن يقول كلمته في ظل اشتداد الهجمة وانسداد الأفق فلا يمكن أن يتوقف سيل الدم الفلسطيني إلا حينما يدرك الشعب كل الشعب وبكل أطيافه السياسية والثقافية والدينية والاجتماعية، بأنه حان الأوان لطردهم من بيوتنا ومن أحلامنا ومن على موائدنا.


هي كلمة للتاريخ وليغضب من يغضب، فلم يعد يهمنا غضب حفنة من الفاسدين والسماسرة وحفنة من الدراويش المتطرفين والعنصريين، فهم الحاقدون على الأفكار المبدعة المحلقة بعنان السماء، وهم من يخافون من أن يصبح الوطن وطنا فعليا للكل ومن لا يرى الوطن إلا بعيون لغة الدولار والبزنس، يرتعبون من الفكر الحر، يرتعبون من قصيدة حب ومن ضفيرة سمراء ترقب سويعات الغروب على شاطىء البحر المائج أو من قصيدة صوفية تحاول مناجاة الله بعيداً عن الشهوة والملذات بالعسل الموعود وحوريات العين..


وهو التوقيت الصحيح للرحيل، أو للهروب لم يعد هناك الكثير من الفرق... فإما أن يكون رحيلهم أو يكون هروبنا..