"الأونروا" ليست هدفًا بل وسيلة

يناير 30, 2024 - 16:18
"الأونروا" ليست هدفًا بل وسيلة

لم تكن يومًا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" هدفًا للفلسطيني، بل وسيلة لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة من قبل الأمم المتحدة في العام ١٩٤٩، والتي تقضي بدعم اللاجئين، وحمايتهم حتى عودتهم إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم التي هجروا منها بفعل النكبة، وهذا هو الهدف الرئيس من نشأتها، وهو تحقيق العودة لكل اللاجئين وأبنائهم وأحفادهم، وليس الأمر فقط متعلق بالمعونات والتي يعرف الجميع كم تراجعت في السنوات الأخيرة، وأن الكثير من الخدمات التي كانت تقدمها قد تقلصت وتراجعت، وأن الكثير من اللاجئين لا يستفيدون من هذه المنظمة الدولية، إلا أن وجودها له أثر سياسي ومعنوي وقانوني دولي مرتبط بالحق التاريخي.


تسعة دول بصورة مفاجئة، قررت تجميد دعمها وتمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بعد تقارير قدمها الاحتلال حول مشاركة أفراد من العاملين في الوكالة من موظفيها في قطاع غزة بأحداث السابع من أكتوبر، ومن دون التحقق والتحقيق حول صدق ما جاءت به التقارير من معلومات، وعلى الفور اتخذت تلك الدول قرارها السريع المشؤوم، في ظل الواقع الصعب وظروف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، وهو في حاجة ملحة وأكثر من أي وقت مضى للمساعدات الإنسانية، من غذاء ودواء وإيواء، وهذا موقف غير أخلاقي حيث تتنصل تلك الدول من دورها في أحلك الظروف وأصعبها، وهذا يعبر عن حالة دونية، لا إنسانية ولا أخلاقية وفي نفس الوقت يأتي ليكشف حقيقة جديدة من حقائق مواقف تلك الدول المعادية لشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة.


"الأونروا" والتي أنشئت بقرار أممي مرتبط وجودها بوجود اللاجئين الفلسطينيين، وينتهي عملها حين يعود كل لاجئ إلى مدينته أو قريته وبيته الذي هجر منه بفعل النكبة والاحتلال، وكل خرق يؤثر على أداء عملها هو اعتداء على الشرعية الدولية، وهذا وفق كل القوانين والتشريعات والمبادئ التي انشئت من أجلها، وبالتالي فإن كل محاولة تؤدي إلى إضعافها هي اعتداء مباشر وصريح على القانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.


فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه منذ شن حرب الإبادة على غزة، جعله يحاول الانتقام من دور هذه المؤسسة الدولية التي دونت وسجلت في تقاريرها كل جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال، واستندت محكمة العدل الدولية إلى عدد من هذه التقارير، لذا كان الاتهام جاهزًا وسريعًا، وتجاوبت بعض الدول التي تلتف حول الكيان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا، وكلنا شاهد على دور تلك الدول في الحرب والعدوان منذ اليوم الأول.


بينما تتسع المعاناة في غزة وتزداد الحياة قسوة، وسط فقدان تام لكل مقومات الحياة، في ظل حرب الإبادة وحالة الحصار المستمر، والنقص الحاد في كل المقومات والمستلزمات من غذاء ودواء وماء وبيوت ومساكن وأمن وأمان، والناس في الخيام رغم ظروف الطقس والأحوال الجوية والجوع والتعب والحسرة في القلوب التي فقدت عائلاتها وفلذات أكبادها، تتكالب بعض الدول وتوقف دعمها لوكالة الغوث، وهذا موقف مناف للأخلاق وقرار سفيه وبذيء، وهذا التساوق الأعمى مع الاحتلال سقوط لتلك الدول على كل المستويات الأخلاقية والإنسانية والقانونية والحقوقية.


إن الدور الأساس المناط بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لا يمكن أن ينتهي، مهما ابتدع الاحتلال من روايات وأكاذيب ولن ينتهي عملها إلا بتحقيق العودة لكل فلسطيني وفلسطينية إلى بيته وأرضه وحقله، وهذا حق يزعج كيان الباطل ويسعى بكل الوسائل للتخلص منه، ولهذا على الدول التي اتخذت قرار وقف التمويل أن تراجع قرارها، وأن لا تبقى في موقف المنحاز للاحتلال وسياساته.