شكرا جنوب افريقيا .. كي ينام اطفالنا في قبورهم مطمئنين

يناير 13, 2024 - 16:35
شكرا جنوب افريقيا .. كي ينام اطفالنا في قبورهم مطمئنين
ما الذي كشفته دولة جنوب افريقيا وجلب دولة إسرائيل لمحكمة العدل الدولية ؟ أولا : ان العروبة والإسلام ، ومعهم منظمة التحرير المضطلعة بالقضية الفلسطينية ، خارج سياق الصراع مع إسرائيل ، لا عسكريا ولا سلميا ، لا عمليا ولا نظريا ، لا صيفا و لا شتاء ، لا في القرن الماضي ولا في القرن الحاضر . معركة واحدة في يوم واحد نفذتها حركة مقاومة واحدة "طوفان الأقصى" ، ودولة غير عربية وغير إسلامية وغير شقيقة وغير مجاورة ، فعلتا ما عجزت عن فعله ، أمتان عريضتان، على مدار قرن كامل من الزمان .
ثانيا: ما الذي كانت هاتان الامتان – من 57 دولة - تفعلانه خلال ذاك الصراع ؟ ادعاءات وأكاذيب واقاويل وفبركات وادانات واستنكارات ومشاجب وتبريرات و تهديدات وتوعدات وتجارة واسترزاق واستغناء ، وما ان لاحت اول فرصة "سلام" مع هذه الدولة العاتية حتى انكشفت حقيقة هؤلاء ، فاعترفوا بها على مراحل ، فرادى ، ثم جماعات . بمن في ذلك منظمة التحرير التي فاوضت إسرائيل اكثر من نصف عمرها ، فتتوج المسيرة بالابادة .
ثالثا : من غير المستساغ ان تقوم دولة جنوب افريقيا برفع قضية ضد دولة متهمة بالابادة قبل ان تقطع علاقاتها معها ، بما في ذلك طرد سفيرها واغلاق سفارتها ، و هذا ما فعلته جنوب افريقيا وما لم تفعله أي دولة عربية شقيقة .
رابعا : في لحظة ما من مرافعات الفريق القضائي الجنوب افريقي ، يشعر المرء ان هذه المرافعات الادانية موجهة الى عدد كبير من الدول العربية والإسلامية الشقيقة ، فمن اغلاق المعبر العربي ، ومن التوافق بإنزال جوي ، ومن متوعد بمحاسبة أصحاب الطوفان ، ومن فاتح مفاوضات مراثونية مع دولة الإبادة مباشرة او مع من يدعمها في مجلس الامن بالفيتو .
خامسا : قد يقول قائل عربي ، ان إسرائيل ستنجو من المحاكمة الدولية ، وان لا فائدة ترجى من هكذا معارك ومواجهات . ان جلب هذه الدولة المحتلة العاتية الى المحكمة الدولية مخفورة ، ومتهمة بتهمة لا أحد اليوم من الدول يتهم بها ؛ إبادة جماعية بحق شعب ، حتى لو نجت منها ، فإنها ستسجل سابقة إجرامية في سجلها ، وسابقة تاريخية لا يمكن محوها. وسيمهد ذلك رسميا لمساءلة كل من يدعمها بأسلحة الإبادة وأموال الإبادة وجغرافيا الإبادة (المجالات الجوية والبرية والبحرية) وحتى الصمت والتواطؤ على ارتكاب الإبادة، كي يشعر العشرة آلاف طفل غزي انهم ينامون بهدوء في قبورهم الجماعية ، مطمئنين من ان لا يكون إبادة أخرى بحق أطفال آخرين ، لا في غزة ولا في أي مكان آخر في العالم .