حول "تشبيب المشهد الفتحاوي "!
من قلم: عمرو العملة
حول "تشبيب المشهد الفتحاوي "!
من قلم: عمرو العملة
كاتب وباحث في المشكلات الإقليمية والعالمية المعاصرة ٠
قال القدماء ؛ لا تترك جوادك في منتصف الطريق؛إذا كان الجواد غير قابل لخوض النزالات القويةوالمثيرة؛فمن الإنصاف إستبداله بآخر ؛ أكثر قوة وقدرة على خوض غمار المنافسة ٠
قول إذا ما تأملناه جيداً ؛ نجد أنه ينطبق تماماً على ما آل إليه حال حركة فتح ؛ ويفسر لنا الكثير مما جرى ويجري الآن داخلها ٠
ولعله لا يخفى على عين كوادر الحركة ؛ خاصة "العتق" منهم ؛وكاتب هذه الأسطر أحدهم ؛ أن حركتهم ؛ باتت تعيش حالة من؛ الشيخوخة والعجز والنكوص والإرتباك والتخبط وردات فعل إرتجالية؛موغلة في الذاتية ؛ورفض فهم الواقع والإحجام عن التعامل معه؛ خشية تحمل أعباء النضال ؛وبالتالي الهروب إلى المواقف المجانية؛ إلى حد وصلت بها الأمور إلى التعارض مع فكرتها الأولى؛ ومع ذاتها؛ ومع شعبها الذي انطلقت في الأساس للدفاع عنه؛وتحقيق أهدافه المشروعة وتطلعاته المرجوة ٠
والى درجة؛جعلتها توشك على تبذير كل رصيدها النضالي الذي صنعته وعمدته بالدم وراكمته عبر مسيرتها الطويلة ومعاركها الواسعة ؛ ولأن تخرج من دائرة الفعل إلى دائرة الجمود والتآكل؛ولأن تعيش طور غروبها ؛وأفول نجمها٠
ولماذا نذهب بعيداً ؛فالمشتغل في السياسة ويعمل تحليل مضمون ؛ لا بد من أن يكتشف ؛بسهولة ؛ أن حركة فتح وصلت؛ درجة "الموت السياسيي" التي هي أقرب ما تكون ؛ إلى حالة " الموت الإكلينيكي"
للإنسان ٠
هذه الحالة ؛ هي ما دفعت بعض فصائل المسيرة ؛خوض غمار التجربة؛ والإمساك بزمام المبادرات المتتالية؛حيث الواقع الموضوعي لا يؤمن بالفراغ ؛ وكذلك الحقائق السياسية ٠
وهي حالة أيضاً جعلت قضايا الحركة موضع نقاش داخل الساحة الفلسطينية؛ بشكل عام ؛ وساحة فتح بشكل أعنف؛ بطرح العديد من الإستفهامات حول الحال الذي وصلت إليه الحركة؛ وعن الأسباب والظروف والمكائن التي اوصلتها إلى هذه الحالة؛وعما إذا كان من الممكن تفاديها في حينه؛ أم لا؛ وعن الخطوات التي اتخذت ام لم تتخذ في سبيل ذلك؟ولكن دون تقديم إجابات مقنعة من أي من" سنام" أطرها التنظيمية
وهو ما دبَّ في كوادرها القلق وعدم الرضا والغضب ؛ بل والشعور؛بالدوران والإغتراب السياسي والتنظيمي؛ وباليأس والإحباط المتزايد ؛ من حالة الجزر السياسي والفكري والثوري ؛ وحالة الركود الذي لم تعرفه الحركة في أي محطة من محطاتها ؛خاصة في ظل هذة الغلالة السوداء من تاريخنا الفلسطيني المعاصر ٠
ولعل مما زاد من حالة القلق والغضب هذه؛ ؛أن الذين كانوا في ركابها سائرين ؛ وتحت حماها وفي ظل بنادق ثوارها يستظلون؛ راحت هاماتهم تتعالى؛وظنوا أن سيقانهم الخشبية ؛ تجعلهم نداًلها ؛ ومحاولة النيل
منها؛كلاماًوتطاولاّ؛ ويتبارون أيهما يصل إلى مبتغاة معتلياً موجة العداء لها٠
ونحن كمناضلين فتحاويين ؛ من أصحاب الرؤية السياسية المتواضعة ؛بالرغم مما؛نراه ونسمعه ونقرأه ونستشرفه من مخاطر حالية ومستقبلية تواجه الحركة؛ أبا أنه بات يلوح في الأفق؛ مبعث تفاؤل وأمل؛وإحياء لطاقتنا الإيجابية ؛مع إنعقاد المؤتمر العام للشبيبة الفتحاوية ؛ مطلع هذا الأسبوع ٠
ولعل مبعث تفاؤلنا: (أولاً) أن إنعقاده؛ جاء في ظروف استثنائية؛لعلها الأقسى والأكثر مصيرية على الإطلاق في تاريخ نضال شعبنا من أجل إسترداد أرضه وحقوقه؛ و(ثانياً) أنه قد يكون بداية صحوة وإن كانت متأخرة ؛للإنخراط في عملية تصحيحية حقيقية ؛بعد أن تم النكوص بالحركة ؛ لتصبح حركة "نخب" تبقرطت وتبرجزت ؛ راحت تتبادل الكؤوس مع ندماء الحكم والمال والأعمال ؛ ولتتسرب إليها تقاليد الطبقات الحاكمة العربية؛التي تبحث عن وسائل الرفاهية المبالغ فيها؛مما جعلها تتحول إلى نظام سيطرة "كومبرادوري"بواجهة ثورية لا أكثر ٠
ولعل من أبجديات العمل السياسي التي تعلمناها في مدرسة الفتح ؛ أن أي حركة ثورية أو سياسية ؛ لا تواجه ذاتها؛ ومراجعة مقارباتها ؛ولاتنتقد تجربتها وتمحصها ؛ وإعراضها عن النقاش السياسي ؛ كوسيلة للنفاذ إلى الأخطاء ؛لتصحيحها ؛وكضرورة ملحة ؛
لديموتها؛ وقدرتها على الحياة والبقاء؛ هي حركة تفقد حيويتها؛وقدرتها على الإنتصاب؛ورفع راية التحدي والعصيان ؛في وجه أعدائها ؛بل وتحفر قبرها بيدها وتحمل نعشها؛وتذهب إلى "حتفها" إن عاجلاً أوآحلاً٠
وهنا ؛
فإننا نرى أن انعقاد مؤتمر الشبيبة ؛وما تمخض عنه من انتخاب؛قيادة لها ؛ هي نوع من الحكمة وبداية لتفكير فتح خارج صندوقها الضيق؛وللتخلص من بضاعتها المزجاة؛ وكيلها المطفطف؛ المتمثل فى متاريس الجيرونتوكراسيا ؛ بمعنى "ريادة المسنين" واستبدال "أحصنتها" التي تعبت وانحنت؛ بعضها؛ من ثقل الأيام وضراوة الحروب ومصارعة الأعدقاء على السواء؛ والبعض الآخر من صرعاتها وصراعاتها البينية ؛لتعلقها بأوهام الزعامة الوطنية وخلق الأمجاد الشخصية؛ وباتت أشبه ما تكون ؛ ب "السوس" الذي ينخر منساة الحركة ؛بأحصنة جديدة ؛شابة ؛ تتسم بجموح جلي ؛ فيه صلابة نفس وقوة إرادة؛ لبدء نهضة تنظيمية صادقة ؛كما تملك من القوة والمعرفة؛ وإدراك وفهم للغةوتقنيات العصر؛ ما يؤهلها لإدارة التحولات الداخلية والإقليمية والدولية ؛ واحتواء الضغوط ؛ومواجهة المؤامرات السوداء من" الأعدقاء" على السواء ؛وقدرة على قراءة المتغيرات على ساحة الصراع ؛ ضمن رؤية صحيحة مقرونة بفعل مستمر ؛بما يتيح للحقيقة الفلسطينية أن تظل أقوى الحقائق في معادلة المنطقة ؛وفوق ذلك ؛أحصنة ؛لم تتسرب إليها أشكال التلوث والفساد والأمراض والعيوب والنقائص المختبئة تحت جلد الجسد الفتحاوي ؛ما يمكنها من رسم خارطة مشهد فتحاوي جديد ؛وبما يعيد للحركة حيويتها وتوازنها وتماسكها وصلابتها التنظيمية ؛ والخروج بها من وضعية الصامت التي وضعت نفسها فيها؛دون"اهتزاز" للأحداث والتحولات الوطنية والإقليمية والدولية ؛المحيطة والمحيقة بها وبمصير شعبها وقضيته؛ ولتؤسس لمرحلة جديدة تعيد بها صورتها الحسنة وهيبتها؛ وتمنحها المكانة العالية لدى الرأي العام الدولي ؛وإعطاء ثقة للجماهير بها؛ولإعادة إحتشادها من حولها؛ وإمدادها المستمر بزخم كبير ؛ ومعاودة الإنطلاق بقوة كبيرة على طريق منطلقاتها الأولى وقيمها النضالية الراسخة٠
وهكذا عودتنا حركة فتح ؛أن تكون ؛حركة وطنية؛هي صاحبة كل مبادرة ؛وتنتج وتجدد قادتها باستمرار ؛ وتعظيم قدرتها لخوض النزالات الكبرى والمصيرية ؛ والإندفاع بالمسيرة حتى النصر وتحقيق الهدف النهائي ٠





