شروط الفوز في الانتخابات المقبلة في إسرائيل
غيرشون باسكن
غيرشون باسكن
تُحسَم الانتخابات عبر السياسيين القادرين على إلهام الأمل. فالناخبون يريدون انتخاب أشخاص يمنحونهم إحساساً إيجابياً منذ لحظة الإدلاء بأصواتهم. نحن لا نريد دخول صندوق الاقتراع ونحن أمام معضلة: من هو الأقل سوءاً؟ نحن نريد أن نؤمن بأن من ننتخبهم سيجعلون حياتنا أفضل، وأكثر أماناً، وأكثر سلاماً. في الولايات المتحدة قد يكون التركيز على الاقتصاد. أمّا في إسرائيل، فالسؤال هو: من يملك رؤية وخطة لحمايتنا من المخاطر الاستراتيجية التي نواجها — وفي مقدمتها علاقة إسرائيل بالفلسطينيين، ثم انهيار ديمقراطيتنا الليبرالية الذي جلبه لنا نتنياهو وحكوماته؟ على الأقل هذا ما يُقلق مَن يريدون إنهاء حكم نتنياهو وائتلافه.
هناك قاعدة علينا الاعتراف بها — خصوصاً بعد حرب غزة، ومع بقاء 7 أكتوبر في وعينا اليومي: لن تكون لإسرائيل أمن إذا لم ينل الفلسطينيون الحرية، ولن تكون للفلسطينيين حرية إذا لم تكن لإسرائيل أمن.هذه هي المعادلة التي علينا استيعابها. وهناك أيضاً قاعدة أخرى مرتبطة بها: السلام لن يُبنى أبداً بالأسوار والحواجز التي تفصل بين شعبين يتقاسمان هذه الأرض من النهر إلى البحر.
أصبح السلام كلمة شبه غائبة عن قاموسنا السياسي، لأنه بات صعباً تخيّل واقع سلام — بعد فشل أوسلو، وبعد عنف الانتفاضة الثانية، وبعد فشل فك الارتباط عن غزة، وبعد 7 أكتوبر. كل تلك الإخفاقات صُنعت على أيدي قادة سياسيين رفضوا السعي إلى سلام حقيقي. لقد خافوا من السلام لأنهم رفضوا التخلي عن السيطرة على أجزاء من الأرض. رفضوا تنفيذ التزامات أقرتها حتى حكوماتهم. القادة من الجانبين عزّزوا السرديات العدائية، وركبوا موجات الخوف والشك والعنصرية، وكل ذلك غذّى العنف على جانبي الصراع — إضافة إلى تفسيرات دينية مشوّهة قدّست الشهادة وأساطير الملكية الإلهية للأرض.
القوى التي تعمل ضدنا
نحن نواجه في انتخابات إسرائيل قوى شديدة التأثير. علينا مواجهة زعامة قائمة على عبادة الشخصية تُعيد تشكيل التحالفات بطريقة تجمع أشخاصاً يكرهون بعضهم، ولكنهم يخوضون الانتخابات معاً. كما نواجه جمهوراً كبيراً من اليهود الحريديم الذين يتلقّون أوامر دينية تحدد لهم لمن يصوّتون، من دون أي تفكير فردي أو تقييم شخصي. وهذا كلّه يتزامن مع واقع ديمغرافي يجعل فرصنا في الفوز أصعب منذ البداية. هذه القوى الكبيرة يجب مواجهتها بحكمة سياسية وجرأة تتجاوز الخطوط الحمراء التقليدية.
الاتحاد
الاتحاد الأول
لابيد، وآيزنكوت، وغولان يجب أن يتّحدوا في قائمة انتخابية واحدة. أهم ما قد ينقذ إسرائيل هو خوض الانتخابات بقائمة موحّدة والخروج كأكبر قائمة. توحيد هذه الأحزاب مهمة صعبة لأن الأنا والأيديولوجيا غالباً ما تكون عوائق. لكن لا مجال لعدم الاتحاد بسبب اختلافات طفيفة. الجميع متفق على حماية الديمقراطية الليبرالية، حماية القضاء، وضمان إعلام حرّ. الجميع متفق على قيم إعلان الاستقلال. الجميع يريد خدمة وطنية للجميع، ومبدأ المساواة، والسعي للسلام. بعد الفوز يمكنهم العمل ككتل منفصلة، لكن الآن يجب الفوز أولاً.
الاتحاد الثاني
لا يمكن هزيمة نتنياهو إذا لم تتّحد الأحزاب العربية في قائمة واحدة. ليفوز المعسكر البديل، يجب أن تصل نسبة التصويت العربي إلى 70٪ على الأقل. إذا حصلت القائمة العربية الموحدة على أكثر من 15 مقعداً، سيخسر نتنياهو. الخلافات بين الأحزاب العربية موجودة، لكنها كلها تتفق على أن نتنياهو لا يجب أن يعود رئيساً للوزراء. بعد الانتخابات، يمكن لكل حزب عربي أن يفاوض بشكل منفصل، لكن يجب أولاً أن يخوضوا الانتخابات معاً وأن يوصوا بالرئيس المناسب لتشكيل الحكومة.
الاتحاد الثالث
الأحزاب اليهودية في اليسار والوسط-اليسار يجب أن تعلن أن 21٪ من المواطنين — المجتمع العربي — شرعيون وشركاء كاملون. يجب أن تضم الحكومة المقبلة أحزاباً عربية، لأنها حكومة يجب أن تجسّد المساواة. الحكومة المقبلة ستتقدم في تنفيذ الخطة الأميركية (خطة ترامب) التي تتضمن مساراً واضحاً نحو الدولة الفلسطينية. كما يجب أن تضاعف الاستثمار في التعليم، وأن تواجه الجريمة المنظّمة في المجتمع العربي، وأن ترسّخ مبدأ المساواة للجميع.
إلهام الأمل
الحرب تُنتج الخوف وتستخدم للسيطرة السياسية. السلام يبدو بعيداً، لكن علينا تغيير النقاش. علينا أن نفهم أن حل الدولتين ينقذ إسرائيل — ولا يهددها.غياب دولة فلسطينية هو الذي يهدد وجود إسرائيل. ولن يكون هناك حل دولتين دون تعاون عميق بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية، وفي إطار تعاون إقليمي واسع في الأمن والاقتصاد.
لا يمكن لإسرائيل أن تكون "الدولة الديمقراطية للشعب اليهودي" إذا استمرت في السيطرة على الشعب الفلسطيني. القيم الليبرالية لا تتوافق مع حرمان شعب كامل من الحرية.
إسرائيل والعالم
سوف تواجه إسرائيل عالماً غاضباً يرى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة. ستزداد المقاطعات، وسيشعر الإسرائيليون بعدم الترحيب بهم في معظم الدول. ولن ينخفض العداء لإسرائيل — ولا معاداة السامية — إلا إذا تبنّت الحكومة المقبلة سياسة سلام واضحة ومعلنة.
على الحكومة المقبلة أن تدرك أن القوة العسكرية وحدها غير كافية — القوة الحقيقية تأتي من اندماج إسرائيل الإقليمي والدولي ضمن مسار سلام.
الفوز في الانتخابات
سيطغى على الحملة موضوعان:
لكن هذه القضايا لا تميزنا عن ليبرمان وبنت — وهما لا يمثلان رؤية لمستقبل أفضل أو أكثر سلاماً. نعم، يجب دعم لجنة التحقيق وقانون التجنيد. لكن ما يميزنا هو الإيمان بأن إسرائيل يجب أن تكون دولة مساواة للجميع، دولة ديمقراطية ليبرالية، دولة تبحث عن السلام مع جيرانها.هذا — وليس الشعارات العسكرية — هو الطريق إلى الفوز.





