الأردن للأردنيين
حمادة فراعنة
تخرصات قيادات المستعمرة، بحق فلسطين والأردن ولبنان وسوريا، وربما الشرق العربي برمته، وتطلعاتهم الاستعمارية للتوسع والهيمنة والسيطرة، أوهام، تعتمد على التحالف الأميركي الإسرائيلي، وسابقاً على التحالف الأوروبي الإسرائيلي، والضعف العربي نتيجة التفسخ، والفلسطيني بسبب الانقسام.
ولكن على الرغم مما يواجه الشعب الفلسطيني من انقسام، وموازين القوى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يسير لمصلحة التفوق الإسرائيلي، ومع ذلك، لم تتمكن المستعمرة من هزيمة الشعب الفلسطيني، تمكنت من احتلال كامل خارطة فلسطين، ولكنها فشلت استراتيجياً من طرد وتشريد كل الفلسطينيين، ومن التخلص منهم، إذ بقي نصف الشعب الفلسطيني متمسكاً متشبثاً بأرض وطنه ولا يزال.
عام 1948، تمكنت المستعمرة من رمي القضية الفلسطينية، خارج فلسطين نحو لبنان وسوريا والأردن، وبقيت كذلك، حتى تمكن الرئيس الراحل ياسر عرفات من إعادة الموضوع والعنوان الفلسطيني، من المنفى إلى الوطن بفعل عاملين: الأول نتائج فعاليات الانتفاضة الأولى عام 1987، والتي أثمرت عن إنتاج الفعل الثاني وهو اتفاق أوسلو عام 1993، كاتفاق تدريجي متعدد المراحل.
الفريق الحاكم لدى المستعمرة الإسرائيلية اليميني السياسي المتطرف والديني اليهودي المتشدد برئاسة نتنياهو، المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية، يعمل على إعادة رمي العنوان والموضوع الفلسطيني من فلسطين إلى المنفى، أهالي قطاع غزة إلى سيناء أو إلى المنافي والشتات عنوة أو عبر تسهيلات إلى كندا وشمال أوروبا واستراليا، وأهالي الضفة الفلسطينية إلى الأردن، وهذا هو التحدي الأهم المفروض علينا كأردنيين لحماية بلدنا ووطننا من محاولات التهجير الفلسطينية إلى الأردن، وكفلسطينيين عليهم التحدي أن يبقوا ويصمدوا على أرض وطنهم في مواجهة سياسات التعسف والجرائم والقتل الاستيطانية الإسرائيلية.
الأردن كان ولا يزال وطناً للأردنيين، وسيبقى كذلك، كما هي فلسطين كانت وستبقى وستعود كما كانت وطناً للفلسطينيين، وإذا كانت المستعمرة وقياداتها تتبجح بالتخرصات والتصريحات المتطرفة اعتماداً على قوتها وتفوقها، فهذا لن يبقى مستمراً.
بريطانا العظمى لم تكن تغيب الشمس عن مستعمراتها، الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية كانوا سدس الكرة الأرضية، وقبلهم كانت الدولة العثمانية، ومن قبلها سلسلة الدولة الإسلامية، وجميعها لم تعد وتراجعت بفعل عوامل عديدة مختلفة حملت عوامل تراجعها وانحسارها، وحتى الولايات المتحدة الأقوى في التاريخ هزمها شعب فيتنام.
المستعمرة الإسرائيلية رغم تفوقها، وجرائمها وقصفها العشوائي التدميري المركز، لم تتمكن من تحقيق أهداف اجتياحها إلى قطاع غزة طوال سنتين من القتل والدمير: لم تتمكن من تصفية المقاومة، ولم تتمكن من إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل، ولولا التدخل الأميركي الذي حوّل الاخفاق الإسرائيلي إلى مكسب سياسي لصالح المستعمرة، عبر مساعداته العسكرية والاستخبارية والتسليحية والسياسية لما تمكنت المستعمرة من تحقيق أي مكسب سياسي بعد معركة غزة الشرسة، ودلالة ذلك هروب نتنياهو من عملية مطالبة المعارضة الإسرائيلية بتشكيل لجنة تحقيق لأنها ستؤدي إلى كشفه وتعريته بالإخفاق والفشل، ومحاكمته بالتقصير، على أثر عملية 7 أكتوبر 2023، وتداعياتها.
المستعمرة لم تتمكن من هزيمة الشعب الفلسطيني، ولن تتمكن، ولهذا علينا أن ننظر لتصريحات وتخرصات قادة المستعمرة وأفعالهم ضد فلسطين وسوريا ولبنان والأردن، على أنها تخرصات انفعالية دوافعها استعمارية حقاً، ولكنها انتخابية أيضاً، ولذلك نثق بأنفسنا كأردنيين، وسنبقى مع فلسطين الشعب والقضية، من أجل حماية أمننا الوطني أولاً ومن أجل دعم بقاء وصمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره.





