كلمات رثاء في*أبي عمار*
سعدات عمر
كلمات رثاء في*أبي عمار*
سعدات عمر
سيدي يا أيها النبراس النقي الميت الشهيد إن الحقائق لم تكن في البدء إلا الأحلام الكبيرة وإن المعجزة ليست أكثر من الحنين الغريب الذي ينمو في رحم اليأس ولكن صدرك أصبح مظاهرة للعائدين من الموت الأسرى وفلسطين تصلي حين تشتعل الجراح على مآذنها وكنائسها وينتقل الصباح إلى مدنها وجبالها وسهولها ومياهها وموانئها وزيتونها الخالد ويكبر الردى وساحل المتوسط يخترق الأبد. نمد لك البد من قاع هذا الصمت الذي خدش سكون الليل وقاع تلك العتمة التي لا يُسبَرُ غورها يا حبيب الله والملايين المُعاد إلى أرض فلسطين إلى هذه الأرض المباركة ثمرة مُتفجٍّرة إلى يوم الدين. أخاطبك من وراء ظهر الحواس الذي يُخاطب بها الإنسان قدره المكتوب له مُدَّ يدك وأرض فلسطين لا تبيع البرتقال لأنه دمها المُعَلَّب، وجاء الصمت قبل 21 عاماً الذي صار عليك اعتياده سنة بعد أخرى وفُجأة يصيح الهم والعبث والكوفية ودائرتك الفولاذية الاحكام في عهدة الرئيس أبو مازن وضمير الثائرين ولكن الإختيار الذي لا يُخطئ فها هو شعب فلسطين غريب مخلوع من إخوته العرب والمسلمين وعن العالم مثلما يخلع المارد قضيباً من شجرة. تُطٍلُّ علينا يا أيها الشهيد عند الله والإنسانية في ذكراك من فوق وسيطنا المجهول القُدرة فسبحان التي أسرت بأوردتنا إلى يدها إلى المقاطعة ها إلى القدس ها إلى حلم ها فلسطين ولم تجد أحداً على الجرح سوى فمها الصغير ترفع أكفَّها نحو السماء السوداء وتشير إلى فوق هذا رأس أبي عمار هو نفسه الذي في الصورة والقلب هو نفسه الذي يجترح المعجزات وهو الذي سيعيد إلى الحسابات بصرها بعد الحصار بعد الصمود بعد الجبل الذي لا يهزه الريح. أفرغوا كل السموم قَلَّدت الزمان وانحنيت كنت صعباً كنت شعباً وتقاسمتك هذه الأمم القريبة والبعيدة ولكن ما ضاق المكان بهم فليس لجثمانك حد ذهبت إلى الموت الجميل طوعاً ليت للقدس أبعد من توابيت الشهداء لأنهم الشهود، وما عليك أيها الباني الأمين ذهبت للموت الجميل، وطوبى للراكع والثائر والشهيد. فلسطين جَنَّة الأحياء وهي الوطن الذي كُتٍبَ في التاريخ من جثث الأحرار بدأ الغُزاة والأنبياء واللاجئون وفيها يختتمون سيرتهم لتبدأ الحياة من جديد. يا فلسطين احتفلي كل عام بهجرة الشهيد الحي أبو عمار الجديدة من ضلوع القبر، حتى أنت يا أيها الكون إنهض وامتشق القبور. فلا تُثخن الصدور لا تُثخن الصدور.



