القلب وظُلمة القبر والزهور
سعدات عمر
القلب وظُلمة القبر والزهور
سعدات عمر
قال تعالى لا تركضوا وارجعوا إلى ما أُترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تُسئلون الأنبياء الاية 13
تكتسب مشكلة شعبنا الفلسطيني في ذكرى رحيل أبو عمار على اختلاف السنين والأحداث مغزىً اجتماعياً مُتبايناً، وتحظى بحلول مُتباينة من الناحية السياسية والأخلاقية إن كان في قطاع غزة المُدمَّر بالكامل أو في الضفة الغربية المُستباحة من العنصرية الإسرائيلية ومستوطنيها أو في الشتات أو على أية بُقعة من تُراب وطننا القومي فلسطين مدين بنصره التاريخي الإنطلاقة و الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية رغم المؤامرات والعودة إلى قطاع غزة والضفة الغربية وإقامة السلطة الفلسطينية بمؤسساتها لأبي عمار وحركة فتح التي يقودها الرئيس أبو مازن التي قادت شعبنا الفلسطيني بحكمة عبر جميع المٍحن والمصاعب نحو الأمل في إلحاق الهزيمة للمشروع الصهيوني إلى حد كبير وقد نجحت فتح في توظيف كافة القوى الثورية والوطنية والروحية في الصراع المسلح وفي تأمين وحدة الإستراتيجية السياسية بعد أن وَحَّدَ وَرَصَّ أبو عمار صفوف شعبنا الفلسطيني بجميع قواه في كتلة لا تُقهر وشحذ في منظمة التحرير الفلسطينية صموداً معنوياً هائلاً بذلك الشعب الذي يعيش بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط الذي خلق طاقة وطنية لا مثيل لها في التاريخ الفلسطيني مما يَسمحُ لنا بتقديس إسمه فلسطينياً وعربياً وأممياً فمهما كان القلب الذي أطبقت عليه ظُلمة القبر قبل 21 سنة فإن الزهور التي تنمو على تُرابه تتطلع إلينا غير مُطمئنة بعيونها البريئة فهي لا تُحدثنا فقط من السكون الأبدي على سكون الطبيعة العظيم بل تُحدثنا عن عدم الرضا بما يدور من حالات الفئوية المُستشرية في العقول والانشقاق المُتواتر والتمزق اللعين والإنقسام القاتل واستمراره ومن الحياة اللانهائية يُخيٍّم الشتاء الهارب من الحقيقة المُثلى على الأرض المقدسة في هذه الذكرى الإستثنائية بدمار قطاع غزة وقتل أهله شر قتلة مُتأخراً عن عودة قطاع غزة إلى حضن الشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد إعلان ترامب الرئيس الأمريكي عن وقف إطلاق النار في القطاع ومحاولة تثبيته يحق لنا نحن أصحاب القضية أن نتساءل لماذا؟ ونداه الدموي يطغى على أمل شعبنا في الوحدة والحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وسماؤه الزمردية الشاحبة فوق القدس والضفة وغزة من الأبواب التي لا تُفتتح إلا للحظة ووجوه شعبنا المُتعبة وعيونه المُرمَّدة خريفياً وليس ربيعياً من عناء الأمل بالحلم المُقشعٍر من اليأس في فلسطين نحسبه أنه قد أشرف على الأفول بميوعة قرارات حماس المُتناغمة مع قرارات ترامب ونتنياهو ولكن ضغطه على نحو أشد ليطفأ الغسق الدامي بلمح المؤامرة. إن العطف الحار والحب العميق للأرض الفلسطينية كلها مرهون بانتظار الحوار الوطني والمُصالحة وحكومة الوحدة الوطنية والمُطالبة والمناشدة لإدانة وعد بلفور من حكومة بريطانيا عن نتائجه الفاجعة عُمقاً ومشقة ومن أكثرها مدعاة للكآبة بحشوها بأي شيء كان على شرط أن لا يظل ويبقى فيها فراغ فلا داعي لخداع النفس بالبرودة الإنكليزية كفى فشعبنا الفلسطيني لم يُخلق لحياة المرمرة اللاذعة والتشرد إلى آخر الزمان وليست فينا كشعب فلسطيني وقاحة ولا حقد بل لدينا بسالة وشجاعة ولا يُمكننا أن نسير أبعد من الاستكانة الكريمة أما من يبتغي مواصلة المعركة مع أهله وقيادته الشرعية فعليه في هذه الذكرى أن يعي أنَّ غبارنا سيؤذي عيوننا وأوساخنا سوف تلوثنا وعندها ستلوح فلسطيننا الندية القاتمة بصورة النكبة وصورة النكسة التي يتحمل مسؤوليتها النظام العربي الرسمي وجيوشه أما صورة الدمار في قطاع غزة المُثقل بالمذابح والمجازر والمآسي فتعود مسؤوليتها إلى حركة حماس صاحبة الإنقلاب الدموي الأسود على الشرعية الفلسطينية في قطاع غزة وكأنها تحتفظ بآثار ليالي الفجر الحمراء الدموية من دير ياسين وإلى الأبد.



