أطباء أجانب يوثقون قصص أهل غزة مع القتل والجوع

في قلب حصار خانق ومجاعة تضرب كل بيت في غزة، تتحول رحلة البحث عن لقمة العيش إلى مغامرة مميتة. مدنيون يخرجون فجرا على أمل العودة بكيس طحين أو بعض المؤن، لكن كثيرين لا يعودون إلا جثثا أو جرحى.
تقرير يعكس حجم المعاناة الإنسانية ويوثق أبعادها، نقل شهادات أطباء ومتطوعين أجانب حول أوضاع القطاع الصحي المنهك في غزة الذي يواجه سيلا من الإصابات يفوق طاقته، وكيف أصبح إطلاق النار على الحشود الجائعة مشهدا يوميا.
استنادا إلى شهادات أولئك الأطباء والمتطوعين الأجانب الذين عملوا في قطاع غزة، يكشف التقرير عن واقع مأساوي يتكرر بشكل شبه يومي منذ أواخر مايو/أيار 2025، حيث يتعرض مئات الفلسطينيين لإطلاق نار أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء.
يقول الأطباء إن قصف جيش الاحتلال للمرافق الطبية في غزة خلال الحرب المستمرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى جانب الحصار شبه الكامل المفروض على القطاع، جعل من المستحيل تقديم العلاج المناسب للمرضى.
نقص أسطوانات الأكسجين أجبر الأطباء على اختيار من يتوجب إنقاذه، وشح الكراسي المتحركة والعكازات أرغم بعض العائلات على حمل أقاربهم المعاقين بأذرعهم لنقلهم.
وفقا لوزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 1778 فلسطيني وأصيب أكثر من 12 ألفا 894 آخرين بهذه الطريقة منذ أواخر مايو/أيار، من دون تمييز بين المدنيين والمقاتلين.
تشير وكالات الإغاثة الدولية إلى أن حجم إراقة الدماء هذه دفع المنظومة الصحية المتداعية أصلا إلى حافة الانهيار، في حين يسابق العاملون الطبيون الزمن لمعالجة موجات متلاحقة من الإصابات.
داخل المستشفيات، تبدو الصورة أكثر قسوة. فالأطباء يروون مشاهد لضحايا مصابين برصاص في الرأس أو الصدر أو العمود الفقري، بينهم أطفال ونساء.
في مستشفى ناصر -وهو أكبر مركز طبي لا يزال يعمل في جنوب غزة- قال الأطباء والممرضون إنهم يستيقظون مرارا على صوت صافرات إنذار تُنبِّه بوصول موجة كبيرة من الجرحى.
أحد الأطباء، عزيز الرحمن، أخصائي العناية المركزة، قال إنهم يشهدون إطلاق نار يوميا عند مواقع المساعدات، مما يزيد من معاناة المرضى.
في عيادة الهلال الأحمر، قالت ريكه هايز، متطوعة أيرلندية، إن بعض الضحايا كانوا فتيانا مراهقين أُطلق عليهم النار أثناء مغادرتهم مراكز توزيع المساعدات.
تروي المتطوعة الأيرلندية أن الإصابات الجماعية تبدأ قبل ساعات من فتح مراكز توزيع الغذاء، مما يدل على حالة الذعر والفوضى.
نور شرف، طبيبة طوارئ، وصفت أسوأ يوم لها عندما استقبل مستشفى الشفاء 1024 مريضا في يوم واحد، مما جعلها تشعر بالعجز.
الوضع الغذائي في غزة بلغ مرحلة المجاعة الكاملة، مع وفاة ما لا يقل عن 217 شخصا بسبب الجوع أو سوء التغذية.