الاحتلال يواصل احتجاز جثمان الشهيد الهذالين ويشترط دفنه بقيود مشددة

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الرابع على التوالي، احتجاز جثمان الشهيد عودة محمد خليل الهذالين (31 عامًا)، الذي استُشهد يوم الإثنين الماضي، برصاص مستوطن مسلح خلال هجوم نفذته مجموعة مستوطنين على قرية أم الخير في مسافر يطّا جنوبي الخليل، وسط فرض شروط مشددة على مراسم تشييعه.
ورغم انتهاء تشريح الجثمان منذ ظهر أمس، الأربعاء، ترفض سلطات الاحتلال تسليمه لعائلته ما لم توافق على سلسلة من الشروط التي فرضها جيش الاحتلال، وتشمل منع إقامة بيت عزاء في محيط منزل الشهيد، وتحديد موقع الدفن في مدينة يطّا وليس في قريته، فضلًا عن تقييد عدد المشيعين بما لا يزيد عن 15 شخصًا، وهو ما رفضته العائلة بشكل قاطع.
وتشدد العائلة على تمسّكها بحقها في دفنه بأرضه ووفق ما يليق بتشييع يعبّر عن مكانته الاجتماعية والنضالية. علما بأن سلطات الاحتلال كانت قد فرضت أمرًا عسكريًا يقضي بإغلاق قرية أم الخير بالكامل، ومنعت دخول أي شخص من خارجها، قبل أن تتراجع جزئيًا عن القرار في وقت لاحق بعد احتجاجات من صحافيين وحقوقيين.
وخلال فترة الإغلاق، اقتحم جنود ملثمون خيمة العزاء المقامة في القرية، واعتدوا على المتضامنين ومن بينهم صحافيون وناشطون أجانب، كما طُرد المشيعون بالقوة واعتقلوا عددا من الأهالي والمتضامنين الذين تواجدوا قي المكان.
وفي خطوة تعكس سياسة الكيل بمكيالين، قرّرت محكمة الصلح في القدس الإفراج عن المستوطن يانون ليفي، قاتل الشهيد الهذالين، وأحالته إلى الحبس المنزلي، رغم توثيق الجريمة بمقاطع مصورة نشرها نشطاء ومنظمات حقوقية، تُظهره وهو يوجه سلاحه ويطلق النار نحو المواطنين.
ويُعد ليفي من أبرز قادة المستوطنين في جنوب الخليل، وكان قد أُدرج العام الماضي على قوائم العقوبات في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا بسبب قيادته لهجمات ضد الفلسطينيين. كما سبق أن وصفته وزارة الخارجية الأميركية بأنه يقود "مجموعات ترويع منظمة" تمارس العنف والتهجير بحق الفلسطينيين.
ورغم هذه الخلفية، برّرت المحكمة قرار الإفراج بالقول إن "الاعتقال في هذه المرحلة ليس ضروريًا"، بينما ادّعت الشرطة الإسرائيلية أن ليفي "كان في حالة دفاع عن النفس".
في المقابل، مدّدت المحكمة العسكرية في "عوفر"، أمس الأربعاء، اعتقال أربعة فلسطينيين من سكان أم الخير، بزعم تورطهم في الحادثة، وذلك بعد اعتقال ثمانية آخرين في الأيام الماضية، فيما اعتقلت قوات الاحتلال في البداية ناشطين أجنبيين على خلفية تضامنهما مع العائلة، قبل أن تقرر ترحيلهما صباح الخميس عبر الأردن.
ونسبت شرطة الاحتلال للناشطين الأجنبيين شبهات بـ"عرقلة مجريات التحقيق"، بحسب ما جاء في بيان صدر عن الشرطة، أشار إلى أن المتضامنين خضعا للتحقيق "في مركز شرطة الخليل" وجرى اعتقالهما قبل ترحيلهما قسرا عبر الأردن، اليوم الخميس، ورجحت الشرطة أن يتم "فرض قيود عليهما لاحقًا".
وتواصلت الانتهاكات بحق القرية بعد الجريمة، حيث وثّق نشطاء محليون استئناف أعمال الحفر الاستيطانية في أراضي أم الخير، تحت حماية جيش الاحتلال، في محيط مستوطنة "كرميئيل" القريبة، ضمن سياق متصاعد من عمليات التوسع الاستيطاني التي تطال قرى وتجمعات مسافر يطّا، عبر تجريف الأراضي، ومنع الرعي، وهدم المنازل، وقطع شبكات المياه، لدفع السكان نحو التهجير القسري.
ويُشار إلى أن الشهيد عودة الهذالين كان من أبرز الأصوات المدنية في وجه الاحتلال بمسافر يطّا، ومعلّمًا للغة الإنجليزية، ومشاركًا في إنتاج فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة الأوسكار، والذي وثّق معاناة الفلسطينيين في ظل الاستيطان والطرد القسري.
واعتبرت منظمات حقوقية أن ما جرى ليس مجرد جريمة قتل، بل امتداد واضح لسياسة الإفلات من العقاب التي ترعاها الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين، حيث قالت منظمة "بتسيلم" إن "توثيق الجريمة لا يكفي في نظام قضائي يرى الفلسطينيين خصومًا والمستوطنين وكلاءً على الأرض".