بكل ما في الكلمة من معنى

سعدات عمر
كل الأشهر الشمسية والقمرية في الزمن الفلسطيني تتجدد وتتمدد وتتقمص في أيار وفي حزيران وفي أيلول وخيبات أمل كثيرة تُسفر عن دم وانفجارات وأرض فلسطين تصغر بالقضم والمستوطنات والجراح تكبر ونتنياهو يُعربد. فلا وقت للمفاوضات. لماذا؟ والرغيف الفلسطيني في الموقد والطابون وغزة السبية المنكوبة يأخذان شكل خريطة فلسطين برمالها وترابها وجبالها ومياهها من أنهار ومنابع وعيون، وأقصاها وبراقها وقيامتها ومهدها وضريح أبو عمارها وصمود أبو مازنها وأغوارها ونقبها وجليلها وخليلها وعصمة دينها، ومع الذكريات تزيد الانهيارات والكل يُصفق، ولا أحد يُصفق بانتظار وعد آخر لأوطان عربية ذات قابلية لإعادة النظر، ومعركة كرامة جديدة من التاريخ لٍيُعلن العرب حالة طوارئ في الإذاعات للفلسطيني فقط، وللصهاينة بالذهاب إلى الأسواق العربية ليشتروا الديكور والسيوف العربية المُرصعة بماء الوجه وميدان المعركة التفكك والتمزق والطائفية والفساد والرشوة والردة والاستهلاك والأمل المُحاصر من الوريد إلى الوريد والنص دموي تعذيب نضالي(مجاز)على أحد الأصعدة كسياسة مُتعمدة. عفواً يا سادة لنقف ونحاسب ذاتنا ونتساءل بموضوعية هل الموت يختار الأحسن وهل الملائكة تصطفي الأنقياء وهل درب الشهادة مُعَبَّد بذوي الشجاعة والشهامة؟ إن إعادة النظر في مجمل العلاقات بين الفصائل والمنظمات الفلسطينية وفي مُجمل السياسات التي وُضعت موضع التنفيذ والتجربة خلال السنين الطويلة من الكفاح والنضال والتنظير لأن عودة الحرارة المُطالب بها جدياً اليوم إلى هذه العلاقات وكذلك عودة السخونة الفاعلة إلى لقاءات الحوار الوطني أمران من الضروري أن يُعطيا الإمكانية والفرصة من دون تشنج ومن دون التمترس وراء مواقف مُسبقة ذلك أن الوحدة الوطنية الفلسطينية الفاعلة والمبنية على وضوح كامل في العلاقات تُشكل أحد شروط النجاح لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ومحاربة التهويد والاستيطان وسياسة الإبادة الجماعية التي يحمل لواءها المحرم نتنياهو في غزة بكل ما في الكلمة من معنى مثالي ومادي وإنساني. إن النقطة الأساسية الآن وقبل ذهاب السيد الرئيس أبو مازن ومرافقوه إلى الأمم المتحدة في الرابع عشر من الشهر الجاري هي التي تُجمع عليها جميع التكهنات الحوار الجدي والمُصالحة الصادقة بدون رياء إلى الوحدة الوطنية بكل أبعادها والذوبان في منظمة التحرير الفلسطينية ولكل شرائح شعبنا الفلسطيني أينما كان ستكون هذه النقطة في حال عدم تحقيقها مصدراً يؤدي إلى جُبن الفصائل والمنظمات، والذي سيؤول إلى عدم سبب وجودها. فالاحساس بالعجز أو التراجع يُترجم عملياً بالكذب وبادعاءات ليست بانتصارات لأن الكل بعد هذا السياق سيُساق إلى المسلخ من عدو خالي من الضمير والإنسانية.