سماح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأكياس النيكوتين "ZYN" خطوة هامة في مكافحة مخاطر التدخين

أبريل 12, 2025 - 10:19
سماح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأكياس النيكوتين "ZYN" خطوة هامة في مكافحة مخاطر التدخين

لطالما كان التدخين من أكبر التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات؛ حيث يتسبب في مئات الآلاف من الوفيات سنوياً، ويكلف أنظمة الرعاية الصحية مليارات الدولارات. وبينما تتباين الاستراتيجيات لمكافحة هذه الظاهرة، ينقسم الخبراء بين نهج الحظر الكامل الذي يسعى للقضاء على جميع منتجات التبغ والنيكوتين، ونهج تقليل المخاطر الذي يهدف إلى توفير بدائل أقل خطورة على المدخنين وقد تكون أكثر أماناً من غيرها.

وفي خطوة تعكس تحولاً في سياسات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، وافقت الوكالة على منتج "زين"ZYN – ، وهو عباره عن أكياس نيكوتين خالية من التبغ – كبديل أقل خطورة على المدخنين البالغين بالمقارنة مع الإستمرار في التدخين التقليدي. وقد أثارت هذه الموافقة جدلاً واسعاً بين مؤيدي تقليل المخاطر الذين يرونها خطوة إيجابية نحو الحد من أضرار التدخين، ومعارضي النيكوتين، الذين يرون أنها قد تفتح الباب أمام تحديات جديدة تتعلق بالتنظيم والتأثيرات الصحية طويلة المدى، محذرين من آثاره الإدمانية المحتملة خاصة بين الشباب.

في الحقيقة، فإن هذا الجدل ليس بالجديد بين الطرفين الذي يمثل كل منهما نهجاً من النهجين المتضادين؛ حيث كانت النقاشات، ولا تزال، بين خبراء الصحة العامة حول أفضل استراتيجية لمكافحة التدخين حامية، ففي حين تدعو منظمات وحملات معنية بمكافحة التدخين، مثل حملة "أطفال بلا تبغ" إلى سياسة الحظر الكامل، حيث يتم حظر أي منتجات تحتوي على النيكوتين باعتبارها جزءاً من إرث يجب التخلص منه، فإن العديد من المختصين في الصحة العامة يرون أن هذا النهج غير واقعي، مستشهدين بفشل سياسات الحظر في الحد من استهلاك الكحول والتبغ تاريخياً.

بالمقابل، يدعو أنصار الحد من المخاطر إلى استبدال السجائر القابلة للاحتراق بمنتجات أقل خطورة، مثل السجائر الإلكترونية، ومنتجات التبغ المسخن، وأكياس النيكوتين. هذا النهج يعتمد على فكرة أن تقليل المخاطر الصحية للمدخنين الحاليين الذين يرفضون الإقلاع عن التدخين تماما افضل من الاستمرار في التدخين التقليدي .

في السنوات الأخيرة، بدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" وكأنها تتبنى موقفاً متشدداً تجاه البدائل الجديدة للنيكوتين، متجنبة الموافقة على أي منتجات بديلة للسجائر، وكانت خلال عهد الرئيس السابق بايدن، متحفظة تجاه المنتجات البديلة حيث تجنبت الموافقة على البدائل الجديدة للتبغ، مما أعطى انطباعاً بأنها تميل نحو سياسة الحظر، لكن الموافقة الأخيرة على تسويق "ZYN" كمنتج معدل المخاطر، إلى جانب حديث إدارة الرئيس الحالي ترامب عن إصلاح الوكالة، قد تشير إلى تحول نحو استراتيجية أكثر واقعية تركز على تقليل المخاطر بدلاً عن الحظر الكامل.

هذا التطور يعكس تزايد القبول بفكرة أن توفير بدائل أقل خطورة قد يكون أكثر فاعلية في الحد من مخاطر التدخين مقارنة بسياسات المنع الصارمة. وقد أكدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن قرارها بالموافقة على "ZYN" جاء بناءً على الأدلة العلمية التي تشير إلى أن هذا المنتج يعتبر أقل خطورة لمن يستهلكون التبغ أو يحاولون الإقلاع عنه.

وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ الطب في جامعة تافتس، مايكل سيغل، أن هذا القرار يعكس تحولاً واضحاً في نهج الوكالة، مشيراً إلى أن أكياس النيكوتين من بين المنتجات الأقل خطورة ضمن جميع بدائل النيكوتين المتاحة. وقد قال سيغل: "إذا نظرنا إلى مستوى المخاطر، نجد أن هذه المنتجات في أدنى مستوى على الإطلاق، لأنها لا تحتوي على التبغ ولا تعتمد على الاحتراق أو حتى التسخين، مما يقلل من احتمالية التعرض للمواد الكيميائية الضارة."

وتعد أكياس النيكوتين "ZYN" منتجات خالية من التبغ والدخان، وتحتوي على مزيج من مسحوق النيكوتين، والمحليات، والنكهات، وبعض الإضافات الغذائية، وتعمل بآلية بسيطة؛ حيث يضع المستخدم الكيس بين اللثة والشفة العليا.

ويعتقد مؤيدو الحظر أن المنتجات التي تحتوي على النيكوتين يجب أن تُمنع تماماً، بحجة أن التدخين أصبح غير مقبول ثقافياً، وبالتالي لا ينبغي السماح ببدائل جديدة، لكن أنصار الحد من المخاطر يردون بأن التدخين لا يزال واسع الانتشار، حيث يدخن نحو 30 مليون مواطن أمريكي السجائر، ويبقى التدخين السبب الرئيسي للأمراض التي يمكن تجنبها.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض، فإن التدخين يقتل أكثر من 480 ألف أمريكي سنوياً، وتكلف أضراره الاقتصادية الولايات المتحدة أكثر من 600 مليار دولار سنوياً.

ويرى رئيس شركة Swedish Match North America، توم هايز، أن قرار الوكالة، يعترف بالدور الذي يمكن أن يلعبه "ZYN" في تقليل مخاطر التدخين من خلال مساعدة المدخنين البالغين على التحول إلى بدائل أقل خطورة، لكن معارضي النيكوتين، مثل جمعية الرئة الأمريكية، عبروا عن مخاوفهم، محذرين من أن هذه الأكياس تحتوي على مستويات عالية من النيكوتين، وهو "إدماني للغاية ومضر للشباب بأي شكل كان". من ناحية أخرى، يجادل أنصار تقليل المخاطر بأن النيكوتين في حد ذاته ليس المشكلة الأساسية، بل المواد الكيميائية السامة الناتجة عن احتراق السجائر.

وفي هذا السياق، يقول سيغل مضيفاً: "من غير المنطقي أن تعارض منظمات مثل جمعية الرئة الأمريكية مساعدة المدخنين على ترك السجائر القاتلة والتحول إلى خيارات أكثر أماناً."

وتنطوي الموافقة على "ZYN" على أبعاد اقتصادية إلى جانب الجوانب الصحية؛ فقد أعلنت شركة فيليب موريس إنترناشونال، التي استحوذت علىSwedish Match  في عام 2022، عن توسيع إنتاجها في الولايات المتحدة، مما يعني المزيد من الوظائف والإيرادات في ولايات مثل كنتاكي وكولورادو، لكن جيف ستاير من مركز اختيار المستهلك يرى أن التأثير الاقتصادي الأهم لموافقة الوكالة هو تقليل تكاليف الرعاية الصحية من خلال خفض معدلات التدخين، قائلا: "الفائدة الاقتصادية الكبرى تكمن في خفض تكاليف الرعاية الصحية من خلال تقليل عدد المدخنين، سواء أعجب ذلك مؤيدي سياسات الحماية الزائدة أم لا، سيظل هناك أشخاص يختارون استخدام النيكوتين. ومن منظور الصحة العامة، يجب ضمان توفير بدائل أقل خطورة من السجائر، ولا يزال أمام الوكالة الكثير من العمل للموافقة على مزيد من المنتجات ذات المخاطر المنخفضة."

وبينما يستمر الجدل بين مؤيدي الحظر وأنصار الحد من المخاطر، تبقى القضية الأهم هي إيجاد حلول عملية وفعالة لحماية الصحة العامة دون تجاهل حقيقة أن ملايين الأشخاص ما زالوا يستهلكون النيكوتين.