ارتفاع أسعار اللحوم في الضفة الغربية: أزمة تثقل كاهل المواطنين وتستدعي تحركًا حكوميًا عاجلاً

أبريل 6, 2025 - 16:22
ارتفاع أسعار اللحوم في الضفة الغربية: أزمة تثقل كاهل المواطنين وتستدعي تحركًا حكوميًا عاجلاً

 رهف جيتاوي

شهدت أسواق الضفة الغربية في الآونة الأخيرة ارتفاعًا حادًا في أسعار اللحوم الحمراء، حيث بلغ سعر كيلو لحم الخروف 110 شواكل، مما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. هذا الارتفاع أثار تساؤلات حول أسبابه وتداعياته على المستهلكين والقطاع الزراعي.

أسباب الارتفاع: تهريب، ضرائب، وتكاليف إنتاج

يعود ارتفاع أسعار اللحوم إلى عدة عوامل؛ أبرزها تهريب الخراف إلى الأسواق الإسرائيلية مما أدى إلى نقص المعروض المحلي وارتفاع الأسعار, بالإضافة إلى ذلك ساهمت قلة الاستيراد وارتفاع الضرائب والرسوم الجمركية على اللحوم المستوردة في زيادة الأسعار؛ كما أن ارتفاع تكاليف الأعلاف أثر بشكل مباشر على تكلفة تربية المواشي، مما انعكس على أسعار اللحوم.

جمعية حماية المستهلك: تقصير حكومي واستغلال تجاري

في ظل هذا الارتفاع دعت الدكتورة فيحاء البحش رئيسة جمعية حماية المستهلك الجهات المسؤولة إلى التحرك لضبط الأسعار وضمان توفر الكميات المناسبة بأسعار معقولة. وأكدت البحش أن هناك تقصيرًا واضحًا من وزارة الزراعة في التعامل مع الأزمة، حيث لم تُتخذ إجراءات فورية لضمان استقرار السوق، مما أدى إلى نقص في الكميات المتوفرة وارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر.

 وأشارت إلى أن بعض المحافظات شهدت قفزة غير مسبوقة في الأسعار، مما دفع إلى دعوات لمقاطعة اللحوم كوسيلة للضغط على التجار لتخفيض الأسعار.

 وأضافت أن الأزمة الحالية تتطلب وعيًا أكبر من المواطنين، إلى جانب دور فاعل للمؤسسات المسؤولة والتجار، مؤكدة على ضرورة فرض رقابة مشددة لمنع أي تلاعب في الأسعار أو الجودة.

نقابة أصحاب الملاحم: غياب الدعم واحتكار السوق

من جانبه، أوضح نقيب أصحاب الملاحم الأستاذ عمر النبالي أن هذه الأزمة ليست جديدة؛ بل هي نتيجة تراكمات ناجمة عن غياب الدور الحقيقي لوزارتي الزراعة والاقتصاد في دعم الثروة الحيوانية المحلية. وأشار النبالي إلى أن المزارعين الفلسطينيين تُركوا يواجهون تحديات كبيرة، بدءًا من المضايقات الإسرائيلية التي تستهدف المراعي وآبار المياه، وصولًا إلى ارتفاع أسعار الأعلاف وغياب أي دعم حكومي لهم، مثل تخفيض الضرائب أو توفير اللقاحات والعلاجات البيطرية. هذا الإهمال أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي، مما جعل السوق الفلسطيني أكثر اعتمادًا على اللحوم المستوردة، وفتح المجال أمام التجار للتحكم في الأسعار دون رقابة.

احتكار المستوردين وغياب الشفافية

أوضح النبالي أن سوق اللحوم في فلسطين ينقسم إلى أربع فئات رئيسية: المزارعون المحليون، الجزارون (أصحاب الملاحم)، التجار المحليون، والمستوردون من الخارج والذين أصبحوا الفئة الأكثر سيطرة على السوق بسبب شح الثروة الحيوانية المحلية.

وأكد أن المستوردين يتحكمون بالأسعار دون أي رقابة حقيقية من وزارة الاقتصاد، التي من المفترض أن تفرض عليهم قيودًا وتحدد هوامش ربح معقولة، لكن ذلك لم يحدث.

 وأشار إلى أن قبل حلول شهر رمضان، ارتفعت أسعار المواشي بشكل مفاجئ بمعدل 10 شواكل لكل كيلو قائم، حيث قفز سعر الكيلو من 34-35 شيكل إلى 40 شيكل وأكثر، مما انعكس على أسعار اللحوم المباعة للمستهلكين, هذا الارتفاع بحسب النبالي لم يكن نتيجة لزيادة تكاليف الإنتاج؛ بل بسبب احتكار المستوردين للسوق ورفعهم الأسعار بشكل مبالغ فيه، مستغلين غياب الرقابة.

دعوات لتدخل حكومي عاجل

في ظل هذه الأوضاع، تتصاعد الأصوات المطالبة بتدخل حكومي حقيقي لضبط الأسعار، وتخفيف الأعباء عن المستهلكين، عبر اتخاذ إجراءات رقابية صارمة وضمان عدالة التوزيع في السوق.

وأكدت البحش أن المواطنين لم يعودوا قادرين على تحمل هذه الأسعار المرتفعة، مطالبة وزارة الاقتصاد بتكثيف الرقابة على التجار وضمان التزامهم بأسعار عادلة. كما شددت على ضرورة تدخل الحكومة لخفض الضرائب والرسوم الجمركية، ومنع تهريب اللحوم إلى الأسواق الإسرائيلية، وهو ما يفاقم الأزمة داخل الأراضي الفلسطينية.

الكوتة الجمركية: امتيازات تحتكرها قلة من التجار

يتطرق النبالي إلى قضية "الكوتة الجمركية"، وهي الحصة السنوية التي تسمح باستيراد 50 ألف رأس من المواشي بدون جمارك وفق اتفاقية باريس الاقتصادية؛ هذه الكوتة، التي توفر على المستورد.

 

آراء المواطنين وأصحاب الملاحم: معاناة يومية وتحديات مستمرة

توجهنا إلى الشارع الفلسطيني لاستطلاع آراء المواطنين حول ارتفاع أسعار اللحوم, أعرب أحد المواطنين عن استيائه قائلاً: "لم نعد قادرين على شراء اللحوم كما في السابق، الأسعار مرتفعة جدًا وهذا يؤثر على موائدنا اليومية." من جهته، قال صاحب ملحمة في طولكرم: "نحن أيضًا نعاني من هذه الأزمة، فارتفاع الأسعار يقلل من إقبال الزبائن ويؤثر على دخلنا".

نحو حلول جذرية ومستدامة

أزمة ارتفاع أسعار اللحوم في الضفة الغربية تتطلب تضافر جهود جميع الجهات المعنية، من حكومية ورقابية وزراعية، لضمان توفر اللحوم بأسعار مناسبة للمواطنين، ودعم المزارعين المحليين، وضبط عمليات التهريب والاحتكار التي تضر بالاقتصاد الوطني والمستهلك الفلسطيني. التحرك السريع والجاد أصبح ضرورة ملحة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن الفلسطيني في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.