ورقة بحثية تناقش إعادة بناء قدرات حماس العسكرية والمستجدات الميدانية والاقتصادية في غزة

تواجه غزة مرحلة حرجة بعد أكثر من 470 يومًا من الحرب المستمرة التي أدت إلى دمار واسع النطاق على كافة المستويات. في ظل هذا الواقع، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن حركة حماس تعمل على إعادة بناء قوتها العسكرية عبر ترميم شبكات الأنفاق وتجنيد قيادات جديدة استعدادًا لأي مواجهة مستقبلية. هذه التطورات تزامنت مع ظهور عناصر من كتائب القسام في عمليات تبادل الأسرى، رغم الإعلان الإسرائيلي السابق عن مقتلهم، ما أثار جدلًا داخل إسرائيل حول مصداقية التقارير العسكرية. يهدف هذا البحث إلى تحليل الأبعاد العسكرية والسياسية لهذه التطورات، إلى جانب استعراض التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الحرب، وتأثيراتها مع دخول شهر رمضان المبارك.
مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن ناقش هذه القضية في ضوء التطورات العسكرية وإعادة تموضع حماس
، وتقول الورقة إنه ورغم حجم الدمار الذي خلفته الحرب، تؤكد تقارير عدة أن حماس تعمل بفعالية على إعادة بناء بنيتها التحتية العسكرية. فإلى جانب إعادة تأهيل الأنفاق، تقوم الحركة بإعادة تنظيم صفوفها عبر تعيين قادة جدد، مما يشير إلى استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى الحفاظ على قدرة الحركة في مواجهة إسرائيل. كما أن ظهور عدد من عناصرها أحياء بعد الإعلان عن مقتلهم يعكس فشل الاستخبارات الإسرائيلية في تحديد وضعهم الحقيقي، مما تسبب في انتقادات داخلية للقيادة العسكرية الإسرائيلية.
وعن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للحرب على غزة تقول الورقة : لا يقتصر أثر الحرب على الأبعاد العسكرية فقط، بل يمتد إلى الوضع الإنساني والاقتصادي المتدهور في القطاع. فقد تسببت العمليات الإسرائيلية في تدمير واسع للبنية التحتية، ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، شهد قطاع غزة تراجعًا اقتصاديًا غير مسبوق حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 86% خلال عام 2024. أدى هذا الانكماش إلى ارتفاع معدلات الفقر إلى 100% والبطالة إلى 80%، فضلًا عن توقف التعليم وانتشار ظاهرة عمالة الأطفال.
وعن قرب حلول شهر رمضان المبارك في ظل الأزمة الاقتصادية تقول الورقة : يتزامن دخول شهر رمضان مع أزمة اقتصادية حادة، حيث ترتفع معدلات الاستهلاك في ظل محدودية الموارد وغلاء الأسعار. تشهد الأسواق حالة من الركود بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، إذ ارتفعت أسعار بعض السلع بنسبة تجاوزت 200%. كما أن معظم الأسر باتت تركز إنفاقها على الضروريات فقط، مما أدى إلى تراجع كبير في حركة التجارة الداخلية.
وفي الخاتمة والتوصيات تقول الورقة : يواجه قطاع غزة تحديات غير مسبوقة تجعل من إعادة الإعمار أولوية ملحّة، في وقت لا تزال إسرائيل تفرض قيودًا مشددة على دخول البضائع وإعادة بناء ما دمرته الحرب. لذلك، من الضروري أن تضغط المؤسسات والمنظمات الدولية على إسرائيل لفتح المعابر والسماح بإدخال جميع الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية للقطاع، بما يمكنه من استعادة الحد الأدنى من الاستقرار. في الوقت ذاته، تبقى الأوضاع الميدانية مفتوحة على جميع الاحتمالات، وسط استعدادات حماس لمواجهة جديدة، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل القطاع في ظل غياب أفق سياسي واضح للحل.