من بلفور البريطاني الى بايدن الأمريكي

من بلفور البريطاني الى بايدن الأمريكي

ديسمبر 13, 2023 - 11:21
من بلفور البريطاني الى بايدن الأمريكي
من بلفور البريطاني الى بايدن الأمريكي

من بلفور البريطاني الى بايدن الأمريكي

قبل ست سنوات ، حيث المئوية الأولى على وعد بلفور ، بعثت السلطة الفلسطينية رسالة الى بريطانيا تطالبها بسحب ذاك الوعد والاعتذار عنه ، كان هذا من الممكن ان يعيد تصويب احداث مفجعة في التاريخ ، اعادة الفاتيكان الاعتبار للعالم الفلكي "غاليليو" الذي قال بدوران الأرض بعد حوالي 400 سنة حيث أصدرت الكنيسة قرارا باعدامه أنذاك ، واقامت له مؤخرا تمثالا تذكاريا . الهولوكوست على سبيل المثال ، إذ ما زالت ألمانيا تدفع لإسرائيل عشرات مليارات الدولارات عدا عن مواقف سياسية داعمة بالمطلق لها ، حتى عندما ترتكب جرائمها و مجازرها بحق الشعب الأعزل الذي يرزح تحت احتلالها ، دون ان يسأل أحد : ما علاقة إسرائيل بالهولوكوست ، التي بلا أدنى شك تدين للهولوكوست بقيامها . صدّقت أوروبا الفاشية و صادقت على صوابية قيام دولة إسرائيل على ارض فلسطين كحل لمشكلة اليهود في العالم و تخليصهم مما يواجهون من تمييز و تعذيب و ملاحقة في بلدانها الغربية و الشرقية على حد سواء ، اليهود هم الذين لم يصدقوا و لم يوافقوا ، ليس فقط من باب ان تغير أوروبا ذاتها من سلوكها الاجرامي بحق الآخرين ؛ الأسود و اليهودي و الهندي و العربي و اللاتيني ، و هي جرائم ما زالت ترتكب على ارضها حتى الآن و ان كان بحجم أقل ، بل من باب ان هذا مناف للمنطق و للاخلاق ان تقتلع شعبا آخر و تحل محله ، و لهذا ما زال عدد اليهود في إسرائيل أقل من نصف عددهم في العالم .

الناس بالمجمل يعرفون الصح من الخطأ ، و يميزون بين الحق و الباطل ، لكن الساسة هم الذي لا يعرفون ، او بالادق لا يريدوا ان يعرفوا ، و لهذا طال هذا الصراع واستطال مئة سنة . من هو الذي لا يعرف ان قتل الأطفال لأي سبب كان امر مروع ترفضه عقول وقلوب كل أبناء الكوكب ، الوحوش فقط من تقبل على نفسها افتراس طفل عندما تكون جائعة او متعطشة لدمه بدل الماء ، من هو الذي لا يعرف ان من حق الانسان ان يدافع عن نفسه إزاء احتلال ارضه و ممتلكاته و حريته . لقد وجدت إسرائيل من دول عاتية تدعمها بالمال و العتاد و الرجال ، ووجدت من الدول العربية كلها من يمد لها يده بالسلام ، و لكنها أبت و استكبرت و طغت و تجبرت ، ارادت الاحتلال و السلام معا ، و هما امران لا يلتقيان في الطبيعة و البشر و المنطق ، كالمصلي الذي يذهب الى المسجد لسرقة احذية المصلين ، او الشاب الذي يواعد حبيبته الالتقاء بها في صلاة الاحد بالكنيسة .

المهم ان بريطانيا ردت على رسالة السلطة برفض سحب الوعد او الاعتذار عنه ، بل اقامت احتفالا بتمجيده و الافتخار به بمناسبة مرور مئة عام على اطلاقه . بلفور البريطاني الذي "من لا يملك أعطى لمن لا يستحق" قبل مئة عام ، هو نفسه بايدن الأمريكي الذي وقف وحده في العالم يصوت بدون خجل مع استمرار قتل الأطفال و النساء في غزة بالآلة الحربية الجهنمية للأسبوع العاشر .