خطط التهويد والقضم والرهان على عودة ترامب
بهاء رحال
رهان الجماعات المتطرفة وحكومة نتنياهو على الرئيس ترامب بعد انتخابه، وما تم الكشف عنه من خطط قضم وضم وتهويد في الضفة والقدس، في خرائط استيطانية تم إعدادها وفق عقيدة الاحتلال، حيث تنسجم مع مخططات الجنرالات في غزة، وتتلاقى في رسم خارطة جديدة تقوم على التطهير العرقي وطرد الناس من أرضهم ووطنهم وبيوتهم، وفرض سياسة الأمر الواقع في ظل غياب الضمير والصوت الدولي، وتقاعس الهيئات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الذي تصطدم قراراته بالفيتو الأمريكي.
حالة من هستيريا الجنون كشفت عنها الأيام الماضية من تدافع التصريحات التي ترافقت مع خطة سموتيرش ٢٠٢٥، وتماهٍ عام داخل أوساط حكومة نتنياهو المتطرفة حول موافقتها على كل الخطط والمسوغات العنصرية، سواء المتعلقة بغزة وما يعرف بخطة الجنرالات، أو خطط القضم والضم في الضفة والقدس، وهذا الجنون دفع البعض برفع مطالبه التي وصلت إلى ضرورة هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، وهذه الأصوات تواصل سلوك العربدة والقرصنة، كما تواصل فرض رؤيتها على الأرض بقوة العتاد والسلاح، وبسخاء الدعم الأمريكي، السياسي والعسكري.
إن سعي الاحتلال الدائم لقرصنة الأرض وضمها، لم يقتصر على عودة ترامب بل إنها سياسة قديمة جديدة، تتبعها كل حكومات الاحتلال مستفيدة من الغطاء الأمريكي سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا، ومستعينة بكل حلفائها في العالم، وهي في هذه الأيام تراهن على حالة الضعف الإقليمي والانكفاء العربي.
مرحلة خطيرة وانحياز غير مسبوق، وموافقة ضمنية على استمرار عمليات الإبادة، واستهداف لكل مكونات الشعب الفلسطيني، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، في مساعيهم لخلق واقع بائس غير قادر ولا قابل للحياة، وتضييق كل سبل العيش وغياب ملامح الحلول وضبابية الحالة التي يعيشها الفلسطيني، بينما تتنامى قوى التطرف والإرهاب الصهيوني الذي لا يأبه بقرارات الشرعية الدولية، في ظل غياب تام لكل المؤسسات الدولية وتقاعسها عن أداء مهامها، وارتهان غالبية الدول للقرار الأمريكي المنحاز والمتواطئ مع الاحتلال.
إن الواقع المعقد بفعل الاحتلال وسياساته، وغياب الدور الدولي والإقليمي عن طرح خطط للسلام، والتسوية وفق الشرعية الدولية لتحقيق الاستقرار، وتراجع قوى اليسار والوسط داخل إسرائيل، وانحياز الإدارات الأمريكية لجهة اليمين ودعم فرض رؤيا التطرف والإرهاب، المتمثلة بالضم والقضم والطرد والتهجير والتطهير العرقي، سيؤدي إلى انفجار المنطقة برمتها، وهذا ما ستجلبه هستيريا اليمين الحاكم في إسرائيل، خاصة وأن كل مشاريع التطهير العرقي فشلت منذ بدء الاحتلال، وحتى حرب الإبادة المستعرة في غزة.
صحيح أن ترامب يقف إلى جانب خطط الاحتلال، وصحيح أنه قدم في دورته الأولى صفقة القرن واعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، إلا أن ترامب ليس قدرًا ننصاع له، ومثلما سقطت صفقة القرن، سوف تسقط كل الخطط الأخرى على صخرة الصمود الفلسطيني، الذي يموت في أرضه ويرفض الهجرة والرحيل، وما يحدث في غزة ما هو إلا صورة حيّة، فرغم الموت والقهر والجوع والعراء، ورغم أطنان البارود التي أُسقطت عليهم، إلا أنهم يصرون على البقاء ولو فوق ركام بيوتهم التي هُدمت ودُمرت رافضين التهجير، ولسان حالهم يقول ما قاله ذلك العجوز الذي قصف بيته في غزة، هنا باقون، باقون ما بقي الزعتر والزيتون.