جباه عالية.. جباليا

أكتوبر 21, 2024 - 15:54
جباه عالية.. جباليا

بهاء رحال

منذ أكثر من عام وهم يتعرضون للإبادة الجماعية، يعيشون في بيوت آيلة للسقوط وفوق ركام هدمته عمليات القصف، حالهم حال كل غزة، وفي الآونة الأخيرة اشتد عليهم الحصار من كل الجهات وتم عزلهم ومحاصرتهم بالدبابات والجنود والطائرات، واشتد القصف والقتل والدمار، وعم الجوع والعطش، والهدف تهجيرهم نحو الوسط والدفع بهم إلى الجنوب، لتنفيذ المخطط الذي يقوم على ضم شمال القطاع، وقضم أراضيه وجعلها مناطق عسكرية استيطانية، وفق خطة الجنرالات التي أعلن عنها وبدأ الاحتلال بتنفيذها، بحيث يتم تهجير الناس أو قتلهم والسيطرة على أراضيهم، وبقايا بيوتهم التي هدمتها الحرب.

ما يعيشه شمال غزة هذه الأيام من قصف وقتل واستهداف كما لو أن الحرب في يومها الأول، القصف العنيف من البر والجو، والقتل والتدمير المنظم، والحصار ومنع كل أنواع المساعدات من الدخول والوصول للناس، وعدم وجود مراكز صحية، ولا أطقم طبية باستطاعتها تقديم المساعدة للعدد الكبير الذي يتم استهدافه، ولا أدوية أو معدات طبية لمداواة الجرحى والمرضى، وكلما رفض الناس النزوح، اشتد عليهم القصف وأطبق عليهم الحصار، حتى بات شمال القطاع منطقة تعج بالموت وروائح الخراب. ولرفض الناس النزوح أسبابه، فهم يعلمون أنهم إذا خرجوا فلن يسمح لهم بالعودة ثانية، وفي نفس الوقت فإن القصف الشديد والجوع والعطش يجعل البعض ينزح، فما باليد حيلة، وإن احتمال الجوع والخوف والعطش وسط القتل والقصف أمر لا يحتمل، وبين خيارين لا ثالث لهما تتواصل حرب الإبادة ويواصل العالم صمته وسكوته وعدم تدخله لإنقاذ من هم على قيد الحياة، يعيشون ويلات الحرب والعدوان، ويعانون كل الوقت من جرائم الاحتلال التي ترتكب بحقهم.

إن ما يحدث من العجب العجاب، وما نسمعه من صيحات ومن معاناة تحرك دكة نقل الموتى، أما العالم فلا يتحرك ولا يزال على حاله، في صمت وغياب مقصود، وضمير مفقود، وهو يشاهد ما يحدث من جرائم بشعة بحق الإنسانية، ولا يتحرك ولا يحرك مؤسساته الدولية القائمة على مواثيق الأمم، وما تحتويه من حقوق وبنود من شأنها أن توقف هذه الإبادة المستعرة إذا ما تم تطبيقها.

المناشدات التي تخرج من شمال القطاع، لا تجد من المجتمع الدولي آذانًا تسمع، ولا تجد من قوى المنطقة أي تحرك يوقف هذه المجازر وهذه الخطط، ويمنع التهجير، وكأن العالم كله يقف متفرجًا وموافقًا على ما حدث ويحدث، وأمام هذا فليس بوسع الناس إلا رفع أيديهم بالدعاء والرجاء للعلي القدير، أما الرهان على مواقف الأمم فهو بلا جدوى، أو هكذا أثبتت التجارب.

......

كلما رفض الناس النزوح، اشتد عليهم القصف وأطبق عليهم الحصار، حتى بات شمال القطاع منطقة تعج بالموت وروائح الخراب.