الذكاء الاصطناعي وإنعاش قطاع التأمين في فلسطين

أكتوبر 6, 2024 - 09:11
الذكاء الاصطناعي وإنعاش قطاع التأمين في فلسطين

عبد الرحمن الخطيب

يشهد قطاع التأمين حول العالم تحولات جذرية بفضل التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي اذ يعتبر هذا القطاع واحداً من القطاعات الحيوية التي توفر الحماية المالية للأفراد والشركات ضد المخاطر غير المتوقعة. ومع ذلك، فإن شركات التأمين في فلسطين تواجه تحديات كبيرة، من بينها الاحتلال وممارساته، وضغوط السوق، وضعف البنية التحتية التقنية، ولكن، مع تبني حلول الذكاء الاصطناعي، يمكن لهذا القطاع الانتقال إلى مستوى جديد من الكفاءة والإنتاجية، في مقالنا هذا، سنستعرض كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز من أداء شركات التأمين في فلسطين ويذلل العقبات التي تعترض نموه.

استخدامات الذكاء الاصطناعي في شركات التأمين

الذكاء الاصطناعي يقدم العديد من الحلول المبتكرة التي تسهم في تعزيز عمليات التأمين، سواء من خلال تحسين تجربة العملاء أو تقليل التكاليف التشغيلية. بعض هذه الاستخدامات تشمل:

 1. تحليل البيانات الكبيرة (Big Data Analytics)

تتعامل شركات التأمين مع كميات هائلة من البيانات المتعلقة بالعملاء والمطالبات. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلل هذه البيانات بسرعة وكفاءة، مما يساعد الشركات على اكتشاف الأنماط وتوقع المخاطر المستقبلية. على سبيل المثال، يمكن للشركات تحديد العملاء الأكثر عرضة للمطالبات بناءً على سلوكهم وسجلهم السابق، مما يمكّنهم من تقديم عروض تأمينية أكثر تخصيصًا وملاءمة.

 2. التقييم التلقائي للمطالبات (Automated Claims Assessment)

إحدى أكبر التحديات التي تواجه شركات التأمين هي معالجة المطالبات بشكل سريع وفعال. باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أتمتة عملية التقييم والتحقق من المطالبات، مما يقلل من التكاليف والوقت المطلوب للمعالجة. تقنيات مثل التعلم الآلي (Machine Learning) والذكاء الاصطناعي يمكن أن تحلل صور الحوادث، وتقييم الأضرار بشكل دقيق، وتحديد ما إذا كانت المطالبة قانونية أو مشبوهة.

3. الكشف عن الاحتيال (Fraud Detection)

الاحتيال في التأمين يكلف الشركات مليارات الدولارات سنويًا على مستوى العالم، وفلسطين ليست استثناء، من خلال الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل البيانات للكشف عن الأنماط الغير طبيعية أو السلوكيات المشبوهة التي قد تشير إلى حالات احتيال. يساعد هذا الشركات على تقليل الخسائر المالية وضمان تقديم تعويضات فقط في الحالات المشروعة.

 4. تحسين تجربة العملاء (Customer Experience)

يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة العملاء بشكل كبير من خلال توفير منصات تفاعلية تعتمد على الشات بوتات (Chatbots) والمساعدات الافتراضية التي تقدم المساعدة الفورية للعملاء على مدار الساعة. كما يمكن تحسين مستوى رضا العملاء من خلال تخصيص العروض والخدمات بناءً على احتياجاتهم الفردية وتحليل سلوكهم.

5. التسعير الديناميكي (Dynamic Pricing)

يساعد الذكاء الاصطناعي شركات التأمين في فلسطين على تحديد أسعار التأمين بشكل أكثر دقة وعدالة بناءً على تقييم المخاطر الفردية لكل عميل. يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلقة بالعمر، والسجل الصحي، وسجل القيادة، والعوامل الأخرى التي تؤثر على مستوى الخطر، ومن ثم تحديد الأسعار وفقًا لذلك. هذه الطريقة تسهم في تقديم خدمات تأمينية بأسعار أكثر تنافسية وفي نفس الوقت تحمي مصالح الشركات.

التحديات التي تواجه قطاع التأمين في فلسطين

بالرغم من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي، فإن هناك عدة تحديات تواجه شركات التأمين في فلسطين. تشمل هذه التحديات:

1. نقص البنية التحتية التقنية

لا يزال قطاع التأمين في فلسطين يعاني من نقص في البنية التحتية التقنية اللازمة لاستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل. تطوير هذه البنية يتطلب استثمارات كبيرة وتعاون بين الشركات والحكومة لخلق بيئة مناسبة لتبني الابتكارات التكنولوجية.

2.قلة الكوادر المؤهلة

تقنيات الذكاء الاصطناعي تتطلب خبرات وكفاءات متخصصة في مجالات تحليل البيانات، التعلم الآلي، والبرمجة. وللأسف، تعاني فلسطين من نقص في هذه الكفاءات، مما يجعل من الصعب على الشركات توظيف الخبراء الذين يستطيعون تطوير وإدارة هذه التقنيات.

3. التشريعات القانونية

يشكل الإطار القانوني والتنظيمي تحديًا آخر، حيث لا تزال القوانين المتعلقة بالذكاء الاصطناعي واستخدامه في قطاعات مثل التأمين غير واضحة أو غير مكتملة. هذا يؤثر على قدرة الشركات على تبني هذه التكنولوجيا بشكل فعال ودون مواجهة مشاكل قانونية.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي إنعاش قطاع التأمين في فلسطين؟

بالرغم من التحديات التي تواجه هذا القطاع، فإن الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لا يمكن تجاهلها. يمكن لهذه التقنيات أن تكون المحرك الرئيسي لإنعاش قطاع التأمين في فلسطين من خلال:

1.زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف

من خلال أتمتة العديد من العمليات الروتينية مثل معالجة المطالبات والتسعير، يمكن لشركات التأمين تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة هامش الربح. هذا يساعدها على تقديم أسعار تنافسية وجذب المزيد من العملاء.

2.تحسين خدمة العملاء

الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز من تجربة العملاء من خلال توفير خدمات مخصصة وسريعة، مما يؤدي إلى زيادة رضا العملاء وتعزيز الولاء للشركة.

3.مواجهة الاحتيال بشكل أفضل

من خلال تقنيات الكشف المبكر عن الاحتيال، يمكن لشركات التأمين حماية نفسها من الخسائر المالية الكبيرة، مما يسهم في استدامة القطاع.

4.التوسع في السوق

الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في توسيع قاعدة العملاء لشركات التأمين من خلال استهداف الفئات غير المستفيدة حاليًا من الخدمات التأمينية وتقديم حلول مبتكرة تناسب احتياجاتهم.

*إن مستقبل قطاع التأمين في فلسطين يعتمد بشكل كبير على قدرة الشركات على تبني التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي. ورغم التحديات القائمة، فإن الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لجعل هذا القطاع أكثر كفاءة وفعالية تجعل من الضروري البدء في الاستثمار في هذه 

التكنولوجيا*

عبد الرحمن الخطيب 

مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي