قل لي ماذا تسميه أنت؟
فراس عبيد
يسكن فينا، يطير بنا، يغذّينا، يحملنا على جناحيه، يمنحنا إمكانية فعل الأشياء كلها!
يصلنا همسه، تنكتب كلماته على شريط وعينا الباطني في لحظات مفاجئة!
يخبرك أنه قادم من أقصى الكون، غير أنه أصدق صوت تسمعه رغم همسه!
نحسّ بقوة هائلة عندما يظهر لنا، وبفرح غامر خفي لا نظير له!
يظهر لك فجأة مثل حارس أمين، يجاور روحك، وتحسه الغامض الجميل فيك وحولك!
ينتصب أمامك صادقاً عالياً شامخاً عندما توشك أن تسقط، أو تحسّ بالخذلان، أو تغترف من فكرة اللاجدوى!
مضيء هو كنور سماوي، جميل هو كقلب عاشق صادق، رقيق هو كتعبيرات وجه طفل، قوي هو كساق شجرة صنوبر، لذيذ هو كنسمات يوم خريفي.
يسندك، يبتسم لمسعاك دائماً، يشحنك بقوة لانهائية، لا يخذلك أبداً، يحبك ويحنو عليك، يفتخر بك، يحثك على الصمود، يبشرك بالنجاح، يعدك بالنصر ولو بعد حين.
يختزل لك الكون كله في كلمات جميلة معبرة مشجعة، وصور جميلة راقية، وموجات حسية فائقة الأثر تمس شغاف قلبك، ويحوم طيفه على مركز التلقي الروحي لديك.
من أسراره: أنه يأتيك في وقت لا تتوقعه، يمدك بطاقة إيجابية يمكن أن تستمر فيك أعواماً، يعدك وعداً صادقاً متحققاً مبشراً بالنجاح وبالنصر، ينشىء عقداً خفياً بينك وبينه، يمنعك من السقوط والتراجع والتقليل من قيمة ذاتك، وتخجل منه إن فكرت في ذلك مجرد تفكير.
يأتيك متجاوزاً الأزمنة التي تَعرف (الماضي الحاضر المستقبل) والنُظمَ والإحداثيات المكانية التي تدرك، حاملاً إليك حقيقة من عالم خالد يعلو على زمانك ومكانك وأدواتك وذكائك، غامراً نفسك بالسكينة والرحمة والمحبة والهدوء.
يمكن أن يأتيك محمولاً على جناح موسيقى عذبة، على وقع أغنية جميلة، عند رؤية طائر بديع الألوان يحلّق بالقرب منك، عند رؤية طفل بريء يقوم بفعل طفولي بعيداً عن أي خوف من ردات الآخرين، بينما تلتقط عيناك نظرة محبة روحية ساحرة موجهة إليك من امرأة لا تعرفها، بينما يشمّ أنفك رائحة التراب المختلط بالندى وأول المطر، حين قراءة كلمات ملهِمة دون توقّع لقراءتها، حين يتجسد أمامك موقف يتم فيه تطبيق العدالة، وأنت ترى مدينتك نظيفة، وأنت تحتسي كوب قهوة (أو شاي) ساعة الغروب في مكان بديع، عند استقبالك المفاجىء لتقدير فذّ من إنسان غريب أو قريب عبر رسالة أو كلام مباشر أو موقف، عند مشاهدتك البحر بعد طول غياب .. إلخ.
جماله وسموّه في خفائه، إذ لا يمكن لأحد معرفة سر تجليه أو توقيته!
إنه يظهر فجأة فلا يمكن استحضاره مباشرة، ولكن يمكن استحضاره عبر تهيئة الحاضنة المناسبة له، عبر توفير أجواء الراحة والسرور والأمل والخير والرضى.
هل مرّ عليك طيفه يوماً؟
هل يمكن لنا نحن البشر أن نعطيه اسماً؟!
ربما يمكننا أن نسميه الحُلم، الإلهام، الخيال، الإشراق، الأمل..!
قل لي ماذا تسميه أنت؟
يختزل لك الكون كله في كلمات جميلة معبرة مشجعة، وصور جميلة راقية، وموجات حسية فائقة الأثر تمس شغاف قلبك، ويحوم طيفه على مركز التلقي الروحي لديك.