مشكلة المفاوضات في أطرافها أيضاً
إبراهيم أبراش
الخلل الكبير في مفاوضات القاهرة، وما يجعل أية مراهنة على مخرجات منصفة للفلسطينيين ومستقبل غزة، بالإضافة إلى الاختلال الكبير في موازين القوى بين إسرائيل وفصائل المقاومة في غزة، واستمرار الانقسام الفلسطيني، هو الأطراف المشاركة في المفاوضات: إسرائيل وواشنطن والقاهرة والدوحة.
موقف واشنطن واضح في انحيازها لإسرائيل بل موقفها أكثر تشدداً من نتنياهو، لأنها تتعامل مع الحرب على غزة كجزء من صراع أكبر له علاقة باستراتيجيتها في الشرق الأوسط والعالم، وتحاول توظيف هذه الحرب لتحقيق أهداف جيواستراتيجية في المنطقة، بالإضافة إلى توظيف حرب غزة كورقة في الانتخابات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولا يمكن اعتبار مشاركتها وسيطاً بل شريكاً وسنداً لإسرائيل.
أما القاهرة والدوحة فهما أضعف من أن تضغطان على إسرائيل وواشنطن.
فدور قطر معروف كأداة لتنفيذ سياسيات وتسليك علاقات لواشنطن لا تستطيع هذه الأخيرة تنفيذها مباشرة، أما مصر فبالرغم من وقوعها في بؤرة الصراع وحساسية موقعها الجيواستراتيجي مع غزة وإسرائيل إلا أنها لا تستطيع الضرب على الطاولة أمام تل أبيب وواشنطن، حيث تواجه تحديات في علاقاتها مع الجيران، ليبيا والسودان وإثيوبيا، بالإضافة إلى التحديات الداخلية وخصوصاً الاقتصادية.
كان من الأسلم لحركة حماس تسليم ملف المفاوضات لمنظمة التحرير والسلطة، أو المطالبة بدور لهما بدلاً من المطالبة بضمانات أمريكية والإعلان المسبق لرفضها أي تواجد للسلطة في غزة بعد الحرب. فالسلطة لن تكون أكثر سوءاً من واشنطن، ولن تكون أقل حرصاً على فصائل المقاومة والقضية الوطنية من قطر ومصر.
إن استمرت المفاوضات بهذا الشكل وبهذه الأطراف دون إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية ومنظمة التحرير، فسيفرض نتنياهو كل ما يريد، ومرور الوقت دون التوصل لوقف لإطلاق نار لن يخدم الفلسطينيين ولا غزة، لأنه لا تبدو في المدى القريب أية مؤشرات لتغيير في موازين القوى مع العدو تدفعه لتقديم تنازلات، أو تغيير مخططاته، وخصوصاً مع تراجع احتمال حرب إقليمية ومع توسيع حرب الإبادة إلى الضفة.
كان من الأسلم لحركة حماس تسليم ملف المفاوضات لمنظمة التحرير والسلطة، أو المطالبة بدور لهما بدلاً من المطالبة بضمانات أمريكية والإعلان المسبق لرفضها أي تواجد للسلطة في غزة بعد الحرب.