من علامات ارتقاء الوعي

أغسطس 17, 2024 - 09:39
من علامات ارتقاء الوعي

فراس عبيد

علامة قراءة الكتاب الورقي
الإنسان القارىء هو إنسان حي معنوياً وفكرياً، لأنه متصل اتصالاً وثيقاً بالمعرفة، وهو يمارس هذه العادة الراقية يومياً، حتى انتهاء أجله، ذلك أن سلوك القراءة غير مرتبط بالعمر، وهو ضروري للبقاء في دائرة الوعي العالي والمتجدد.
وللقراءة فوائد جمة على صحة الإنسان النفسية والعقلية والجسدية، فهي تمنحه المتعة الحسية والتخيلية، وتقلل من الإجهاد والتوتر لديه، وتخفف ضغط دمه، وتساعده على معالجة اضطرابات النوم، وتحافظ على سلامة شبكة العمليات الذهنية لدماغه وتقوّيها، وغير ذلك الكثير. أما المثير في الأمر فهو أن كل تلك الفوائد والمتع ستتحصل عليها من قراءة الكتاب الورقي، لا الإلكتروني؛ لأن (الورقي) لن يؤذيك بخلاف (الإلكتروني).
فما هو سر الكتاب الورقي يا ترى؟

علامة قبول الآخر
الإنسان الراقي يقبل الإنسان الآخر كما هو، فلا يحكم عليه، ولا يدينه، ولا يهينه، ولا يهمه أبدا نمط تفكيره أو معتقده أو دينه أو ميله أو هوايته. بل إنه يحاول تقديم (الوعي المساعد) له على شكل أفكار إيجابية ونصائح، دون تدخل قسري. فالإنسان الآخر مقبول لديه، ما دام لا يؤذي غيره أذى مادياً أو مباشراً .
وينبع قبول الإنسان الراقي للإنسان الآخر من أعماق قلبه، لا من سطح لسانه. فهو يدرك في قرارة كينونته أن البشر جميعاً يمرون بمراحل وعي مختلفة تجعلهم يكونون ما هم عليه في هذه اللحظة. وهو سبب كافٍ للتعاطف معهم ولتقبّلهم. ويدرك أيضاً أنه كان مثلهم يوماً ما، لكنه الآن سبقهم أشواطاً طويلة في رحلة الوعي، فاختلف حاله، بينما إخوانه من البشر سائرون الآن على الطريق الطويل لتطور الوعي الإنساني، وإن ببطء، وإن استغرق الأمر معهم أكثر من حياة.

علامة الابتسام
الإنسان الراقي هو إنسان مبتسم وبشوش عند ملاقاة وجوه غالبية البشر، وهو في ابتسامته وبشاشته تلك ينطلق من موقع ثقته بنفسه، وحبه غير المشروط للناس.
لذلك، هو سخيّ في ابتسامته وبشاشته مع الخَلق، إلا في مواضع تتطلب الجدية والحذر، مثلاً عندما تكون بعض الشخصيات عدائية أو مضطربة نفسياً أو منغلقة ثقافياً، فقد تفهم الابتسامة والبشاشة خطأً أو استفزازاً.
تخيل لو أنك تسير في الشارع، وابتسمت لك مئات الوجوه، ثم ثتخيل حجم السعادة والطاقة الإيجابية التي ستنالها في ذلك اليوم!
في بعض الدول الأجنبية يبتسم الناس في الشوارع بشكل لافت، حتى لو كنت أنت عابساً، وعندها ستصيبك عدوى الابتسام، لأن الكل يحيطك ويحاصرك بالابتسامات، ستتغير نفسيتك للأفضل بشكل يفوق تخيلك !
ناهيك عن أن الابتسامة مفتاح للقلوب وللنفوس، ودرعٌ واقٍ لك من الشرور، وسرٌّ من أسرار النجاح في الحياة.

علامة الإيجابية
الإيجابية مصطلح كبير وواسع، وهو يعني من ضمن ما يعني أن يكون الإنسان ودوداً مع الناس، ومستمعاً جيداً جداً لهم، وذا ردود فعل طيبة تجاه الناس (ممتلئة خيراً ومحبة)، ومشبعة بالنزعة التعاونية البنّاءة تجاه رغباتهم وأحلامهم ومسيرة تطوّرهم، ومرسلاً للطاقة الجميلة المريحة الطيّبة السلاميّة التي نسميها بالإيجابية على كل من حوله، ومهم أن تعني كذلك تقديمه عن محبة ووعي وطيب خاطر المساعدة والعون لهم ما دام ذلك بمقدوره، كما يعني عدم انتظار مكافأة من الناس على محبته وطيبته وجهوده، لأنه سينالها تلقائياً من منظومة العدالة الكونية الفاعلة في حياة البشر.

...........
الإنسان الراقي هو إنسان مبتسم وبشوش عند ملاقاة وجوه غالبية البشر، وهو في ابتسامته وبشاشته تلك ينطلق من موقع ثقته بنفسه، وحبه غير المشروط للناس.