غزو أوكرانيا للأراضي الروسية ضعف روسي أم حكمة؟؟

أغسطس 15, 2024 - 10:31
غزو أوكرانيا للأراضي الروسية ضعف روسي أم حكمة؟؟

بقلم: برهان السعدي

   تقدمت القوات الأوكرانية في الأراضي الروسية ألف كيلو متر مربع، وهذه رقعة جغرافية في الأراضي الروسية غير بسيطة. فهل تقدم هذه القوات المدعومة بإرادة أمريكية أوروبية ومسلحة بأحدث أسلحة مستودعات الناتو شكل هزيمة للقوات الروسية؟؟!!

     ووفق حديث أحد المحللين الروس الذين تم إجراء مقابلة معه على شاشة الجزيرة مساء الثلاثاء الثالث عشر من شهر آب الجاري، قال إن هذا ليس ذات أهمية، فما تم احتلاله ليس بلدات إنما قرى هامشية، لا يوجد فيها معسكرات أو قواعد عسكرية. وبرر هذا التراجع أمام القوات الأوكرانية، بقلة عدد الجنود الروس، حيث ليس بالإمكان نشر قوات في جميع الأراضي الروسية. واعتقادي، أن المحلل الروسي غير مقتنع بما أدلى به.

     وإذا اعتبرنا أن الأسلحة التي زود الناتو بها الجيش الأوكراني رجّحت الكفة لصالح أوكرانيا، واستطاعت الاختراق والتوسع في الأراضي الروسية، فكيف نقرأ تقدم الجيش الروسي ولو ببطء داخل مقاطعات مهمة في الأراضي الأوكرانية.

     وإذا كانت شحنة من الأسلحة الأمريكية والأوروبية قلبت موازين القوة، ألم يشكل هذا سابرا للغرب لدخوله الحرب مع روسيا بشكل موسع، ومن خلال قواته وأساطيله البحرية والجوية والبرية؟؟ فهذا المؤشر يعني أن روسيا بعد استنزاف الناتو بقيادة الولايات المتحدة لها أصبحت لقمة سائغة.

     والسؤال: لماذا لم تستخدم روسيا قوة فعلية مدمرة للقوات الأوكرانية، ما دامت تمتلك صواريخ فرط صوتية، وتمتلك قدرات تدميرية هائلة لا يمكن مواجهتها؟؟!! أم جميع هذا تهويل إعلامي ونفخ ببالون دعاية؟!

أسئلة يستدعيها منطق الحال، لأن الضعف الروسي الذي يتم الترويج له يشكل مدخلا وتحفيزا للولايات المتحدة وأوروبا للتعجيل بتوجيه ضربة لروسيا تقلب فيها الموازين العالمية التي تتهددها.

     وبعيدا عن هرطقات الإعلام المدجّن، إن روسيا تمتلك تراكم التجارب والخبرات القتالية على الأقل منذ بداية القرن الماضي، وهزيمة المانيا النازية كانت على أيدي القوات الروسية، فهي تشكل مدارس لفنون الحرب والخطط الاستراتيجية وبدائلها والتكتيكات التي تخدم جيوشها في حروبها ومعاركها. مع فارق هام بينها وبين دول الغرب مجتمعة وعلى رأسها الولايات المتحدة، أن جميع استراتيجياتها لم توضع على أساس غزو واستعمار دول كعادة الغرب الاستعماري.

     لذا، أرى أن روسيا تنصب شراكها لقوات الناتو من خلال تكتيك استخدمته بوعي وبشكل مدروس، وأن روسيا الدولة العظيمة تمتلك من أسلحة الدمار الاستراتيجي سواء النووي وغير النووي وتستطيع من خلاله تدمير عدة دول وبارجاتها خلال وقت زمني قياسي. وعليه، لا بد للمراقب أو المحلل بشأن ما يدور من معارك على الجبهة الأوكرانية إدراك أن الذي يحارب روسيا ليس جيش أوكرانيا، إنما حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، وبجيش ومواطني أوكرانيا، معززين بمرتزقة يتم شراؤهم من عدة دول. وروسيا في هذه الحرب الدائرة تستنزف دول الناتو اقتصاديا وعسكريا، حيث أن مخزون الأسلحة في مستودعات حلف الناتو تم تجديده مرارا فكأنه يسير في حلقة مفرغة. وهذا يشكل سببا وجيها لإدارة البيت الأبيض لعدم توسع الحرب في المنطقة العربية، أو الشرق أوسطية، فالعدوان الإسرائيلي على غزة المحاصرة منذ سنوات، وذات الرقعة الجغرافية المحدودة، فهي أقل مساحة وسكانا من كثير من مدن العالم. فحرب الولايات المتحدة ودول الناتو وفي مقدمتهم بريطانيا وألمانيا وإيطاليا بكل مواردها المالية والقتالية والاستخبارية لم تستطع حسم معركتها لصالح الاحتلال في غزة، عدا عن إنهاك جنود الاحتلال واستنزافهم، فكيف بحرب على روسيا ذات المساحة الجغرافية المترامية الأطراف، وأسلحة الدمار التقليدية وغير التقليدية.

إنها حكمة الرئيس الروسي، مستندا إلى ثقافة وحضارة الأمة الروسية وشجاعة الجندي الروسي، والمستقبل يحمل الكثير في أحشائه.