نهاية الأحادية القطبية .. هل يعكس التوحش بعد 'طوفان الأقصى' تحولاً في النظام العالمي؟

أغسطس 8, 2024 - 10:01
نهاية الأحادية القطبية .. هل يعكس التوحش بعد 'طوفان الأقصى' تحولاً في النظام العالمي؟

عبدالكريم سليمان العرجان

شهد العالم مؤخراً تصعيداً إسرائيلياً غير مسبوق بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث بلغ حجم العنف ومداه مستويات لم يسبق لها نظير، يعكس هذا التصعيد تنامي استخدم القوة وهو نتيجة لعوامل متعددة، منها تخلي الغرب الاستعماري عن أقنعته، واستخدامه العنف بشكل أشد، مدفوعاً بأزمة تعيشها النخب الاستعمارية داخل دولها، تثير هذه التحولات تساؤلات حول مدى تأثيرها على هيمنة الغرب الأحادية في ظل صعود قوى عالمية جديدة مثل الصين وروسيا.

توحش الاحتلال في الآونة الأخيرة يمكن إرجاعه إلى عدة أسباب رئيسية، أولاً، تخلى الغرب عن أقنعته، حيث كانت القوى الغربية تاريخياً تستخدم وسائل دبلوماسية ناعمة لتحقيق أهدافها الاستعمارية، ولكن في الفترة الأخيرة، تخلت هذه القوى عن هذه الأساليب، ولجأت إلى استخدام العنف بشكل أكثر وضوحاً ، ثانياً، تعيش النخب الاستعمارية في الغرب أزمات داخلية متعددة، من بينها الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهذه الأزمات تدفع هذه النخب إلى تصدير مشاكلها للخارج من خلال تصعيد العنف، ثالثاً، صعود قوى جديدة مثل الصين وروسيا يهدد الهيمنة الغربية التقليدية، مما يجبر الغرب على اتخاذ مواقف أكثر تشدداً للحفاظ على نفوذه.

تؤثر هذه التحولات بشكل مباشر على هيمنة الغرب الأحادية على العالم، صعود الصين وروسيا يمثل تحدياً كبيراً لهذه الهيمنة، حيث تقدم هاتان الدولتان نماذج مختلفة في العلاقات الدولية والسياسات الاقتصادية، تعتبر الصين اليوم قوة اقتصادية لا يمكن تجاهلها، بفضل نموها الاقتصادي السريع واستثماراتها الضخمة في البنية التحتية العالمية، وأصبحت الصين لاعباً رئيسياً على الساحة الدولية، مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والبنية التحتية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، تمثل تحدياً مباشراً للهيمنة الاقتصادية الغربية، من جهة أخرى، عادت روسيا إلى الساحة العالمية كلاعب رئيسي في السياسة الدولية، تدخلاتها العسكرية في سوريا وأوكرانيا، بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع الصين وإيران، تظهر أن روسيا تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي بعيداً عن الهيمنة الغربية.

تشير كل هذه المؤشرات إلى أن النظام العالمي الأحادي القطبية، الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة، قد يكون في طريقه إلى النهاية، صعود الصين وروسيا كقوى جديدة، بالإضافة إلى الأزمات الداخلية التي تعصف بالدول الغربية، تجعل من الصعب على الغرب الحفاظ على هيمنته التقليدية، والتوحش الإسرائيلي بعد عملية "طوفان الأقصى" هو جزء من تحول أوسع في النظام العالمي، يشير إلى نهاية محتملة للأحادية القطبية وبروز نظام عالمي متعدد الأقطاب، في ظل هذه التحولات، يجب على الدول العربية والمجتمعات المتضررة أن تكون مستعدة لمواجهة تحديات جديدة واستغلال الفرص التي قد تنشأ من هذا النظام الجديد.